منصة الصباح

الدواء بين التعافي والعلة

الدواء بين التعافي والعلة

الدكتور علي المبروك أبوقرين

إن من مؤشرات إنهيار النظم الصحية تدهور الخدمات الصحية ، وعدم توفر الأدوية والمستلزمات الطبية ، وتعطيل المعدات والأجهزة الطبية بالمستشفيات والمرافق الصحية العامة لتعطيل العمل بها ، وإنتشار التجارة في الأدوية والمستلزمات الطبية المغشوشة والمزورة والغير صالحة والضارة ، ورواج تجارة المعدات والأجهزة الطبية المستعملة ، وإنعدام توفر أدوية الطوارئ وإنقاذ الحياة ، وأدوية الأورام والأمراض المزمنة ، والمناعية وأدوية زراعة الأعضاء وغيرها من الأدوية التي يحتاجها المرضى وحتى المرضى الذين يتم إرسالهم للعلاج على نفقة الدولة لا يجدوا أدويتهم الموصوفة لهم بعد عودتهم ..وإن توفرت تكون غالية الثمن وغير معلوم مصادرها ولا تتبع معايير التخزين والنقل والعرض والتداول ، ومعظمها مهربة او يتم استيرادها بطرق غير قانونية ، ومن اثار انهيار النظام الصحي أن أكثر من 85% من المرضى يشترون الأدوية من جيوبهم الخاصة حتى للذين يترددون على المؤسسات الصحية العامة يُطلب منهم جلب الأدوية والمستلزمات ، مع غياب الرقابة على الأصناف والأسعار والجودة ، والانتشار العشوائي للصيدليات المخالفة لأدنى المعايير .. وصرف الأدوية بدون ضوابط ( فوضى الدواء ) ..

وإن الدول التي تعتمد 100% على إستيراد الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية .تحتاج لبناء منظومة سلاسل الأمداد الطبي مع الشركات العالمية المصنعة الكبرى والمعتمدة من هيئات الرقابة على الأغذية والأدوية العالمية ، وتحتاج بنية تحتية متكاملة تضمن سلاسة وتأمين وأمان وسرعة حركة الأمداد ، وهذا يحتاج لمخازن رئيسية وفرعية وفق المعايير العالمية لمخازن الأدوية والمستلزمات الطبية بحلقاتها الباردة ، وصيدليات المستشفيات والمراكز والمرافق الصحية وفق معايير التخزين والمناولة والتوزيع والصرف ، ووسائل نقل مخصصة للأدوية والمستلزمات الطبية وفق متطلبات السلامة والأمان ومعايير نقل الأدوية ، وادارة مميكنة ومؤثمنة متكاملة ، وهيكلية تؤدي الأعمال المنوطة بها بداءً من تحديد طلب الدواء على مستوى أصغر مرفق الى استكماله على مستوى الحاجة الكاملة للبلاد ، ومن بداية التصنيع في بلد المنشأ ( الشركة المصنعة ) إلى وصول الدواء إلى المستفيد النهائي (المريض) ، مع إمكانيات الاسترشاد والتتبع السريع للأدوية ، ومنظومة مراقبة مستمرة على مدار الساعة تنبه وتحدر قبل الانحراف ، وتصاحب صحة العمل ، وتؤكد صحة اتمامه .
لتجنب حدوث النقص أو الهلاك أو التسرب أو الزيادة أو الغش .

مع ضرورة وضع معايير التراخيص للصيدليات وكل من يتعامل مع الصناعات والمواد الصيدلانية ، ووضع الشروط والضوابط المهنية والفنية والقانونية لممارسة النشاط الصيدلي والدوائي وما في حكمهم ، والالتزام بشروط وضوابط العمل بالصيدليات ومنافذ البيع والتداول لكل المواد الصيدلانية أو ما في حكمها ، ويجرم كل من يخالف شروط الممارسة والمزاولة والبيع والتحضير والتداول والصرف ..

وعليه ضرورة مراجعة سياسات وقوانين ولوائح وإجراءات تسجيل وشراء وتداول وصرف الأدوية والمستلزمات الطبية ، ووضع الشروط والضوابط الفنية والقانونية للممارسة الصيدلانية بالعام والخاص ، ووضع المعايير للصيدليات الخاصة وصيدليات المستشفيات والمصحات الخاصة ، في المساحات والبناء والتجهيز والثأتيث والمسافات ، وشروط التوظيف والعمل ، والتوصيف الكامل لكل وظيفة ومهامها ، وتحديد التراخيص المخولة ، وتحديد الاصناف المسموح تداولها والغير مسموح منها ، لتحقيق الأمن الصحي للبلاد والعباد ، وتحقيق جانب من جوانب التغطية الصحية الشاملة ، والعدالة والحماية الاجتماعية . بتوفير أدوية ومستلزمات طبية عالية الجودة ومن مصادرها الأصلية ، ويتحصل عليها المريض دون عناء ولا تكاليف ترهق كاهل المواطن . وتضمن أن المريض يتحصل على دواء مأمون ومضمون ، وصفه طبيب مخول ، بوصفة متكاملة الشروط ، وصرفه له صيدلي مرخص من صيدلية مطابقة للشروط والمعايير .

إن الأدوية والمستلزمات الطبية تمس صحة وحياة الناس مباشرة . يجب أن تخضع لحلقة مقفلة تحت سلطة الدولة وأجهزتها المختصة ، وأن تتوفر الأدوية بأستمرار بمخزونات استراتيجية ، وأن لاتخضع لسياسات أسواق السلع الاخرى .

ولا يجب أن تتحول البلاد الى بوتيكات وبازارات ومناشط إقتصادية للتنافس والتربح السريع على حساب المرضى وصحة الناس ..

لايوجد مبرر واحد لعدم توفر الدواء الجيد والمضمون والمأمون للمرضى ..

.كيف يكون الدواء علة
.لا لتسليع الصحة

شاهد أيضاً

ليبيا تستقبل شحنة جديدة من التطعيمات الروتينية

  وتأتي هذه الشحنة، ضمن جهود المركز المستمرة لضمان حصول جميع الأطفال على التطعيمات اللازمة …