منصة الصباح

الخلع … بين الشريعة والقانون الليبي

 بقلم : آمنة الهشيك / أستاذ قانون ​

بعد الهجرة المحمدية وانتشار الإسلام حاول رسولنا الكريم ترسيخ قواعد الإسلام ومحو آثار الجاهلية بدأ بالأسرة فنظم علاقة الرجل بالمرأة في الزواج وأثناء الطلاق، حيث حظيت حقوق المرأة باهتمام النص القرآني في نبرة لا تخلو من الترهيب والتحذير من ظلم المرأة كقوله” ولا تذروها كالمعلقة ” في إشارة إلى غضب الله في تعمد إذلال المرأة تعنتا من الزوج مهما كانت الخلافات دون أن تعلم مصيرها فالله يقول” فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بإحسان”والعديد من الآيات القرآنية التي تنصف المرأة ولا اجتهاد مع صراحة النص القرآني .

هل من حق المرأة المطالبة بالخلع ؟وما مدى مشروعيته في الشريعة الإسلامية ؟ وهل هناك نص في القانون يؤيده ؟

( الخلع) فراق الزوجة بعوض ، فيأخذ الزوج عوضاً ويفارق زوجته ، سواء كان هذا العوض هوالمهر أو متفق عليه ، والدليل من القرآن قول الله تعالى : ( وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فَلا جُنَاحَ عليهما فيما افتدت به ) سورة البقرة ودليل ذلك من السنة َفِي رِوَايَةِ للْبُخَارِيِّ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, مَا أَنْقِمُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ, إلَّا أَنِّي أَخَافُ الْكُفْرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَرَدَّتْهَا عَلَيْهِ, وَأَمَرَهُ فَفَارَقَهَا ـ وَفِي رِوَايَةٍ, فَقَالَ لَهُ:( اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً )ـ وبهذا يتبين لنا أن الخلع غير متوقف على موافقة الزوج .وقد قَالَ جَمِيعُ الْفُقَهَاءِ أن المرأة إذا لم تستطع البقاء مع زوجها ، فإن لولي الأمر أن يطلب منه المخالعة بل يأمره بذلك..وتحتفظ بكامل حقوقها من حضانة الأولاد ونفقتهم .وأما صورته : فيأخذ الزوج العوض أو يتفقان عليه ثم يقول لها فارقتك أو خالعتك ونحو ذلك من الألفاظ وبالتالي هو يأخذ حكم الطلاق البائن بحيث إذا قرر مراجعتها لا يكون إلا بعقد ومهر جديد.

أما في القانون الليبي (قانون رقم (10) لسنة 1984م الأحكام الخاصة بالزواج والطلاق) ورد النص على (المخالعة)في المادة رقم (48، 49) وهي تعني:” التطليق بإدارة الزوجين لقاء عوض تبذله الزوجة بلفظ الخلع أو الطلاق” حيث ما تضمنته النصوص أن المرأة يحق لها الخلع بعد موافقة الزوج وإثبات الضرر إن وجد فبحسب استقراء النص نستنبط أن القانون يجيز الخلع بعد اتفاق الطرفين ، كما يجيز للمرأة خاصة مع تعنت الزوج التنازل عن كافة حقوقها في نص المادة(48) في الفقرة الثالثة منها وتنص ” ويجوز أن يكون العوض حق الحضانة أوالصداق…” بما فيها الحضانة وفي هذا النص قمة الإذلال للمرأة فلا يحق حرمانها من أبسط حقوقها وهو حضانة أبنائها ونفقتهم مقابل ما شرع الله تعالى، و ينافي ما جاء بالشريعة خاصة إذا تعنت الزوج ورفض التطليق بقصد الإضرار بها وتركها معلقة ،وكذلك في حالة عجزها عن إثبات الضرر فلن تحصل على أدنى الحقوق . لذلك نهيب بالمشرع الليبي تعديل النص بما يتوافق مع أحكام الشريعة الغراء .وذلك أسوة بباقي التشريعات المقارنة كالتشريع الإماراتي الذي حدد له أنواع ، والمصري و غيرهم مما تجيز للمرأة الخلع مع الاحتفاظ للمرأة بحق حضانة الأبناء ونفقتهم ومسكنهم .

 

 

.

شاهد أيضاً

*أولويات الإصلاح الصحي*

د.علي المبروك أبوقرين   حدث في العقدين الأخيرين تطور متسارع في التقنية والتكنولوجيا الطبية مما …