منصة الصباح
د.علي المبروك أبوقرين

الثقة في النظام الصحي

 د.علي المبروك أبوقرين

الثقة في الخدمات الصحية هي أهم الركائز الأساسية لضمان فعالية واستدامة النظام الصحي ، وتتأثر بمدى توفر الخدمات الصحية ، وسهولة الحصول عليها والوصول إليها ، وتوفر الامكانيات والتجهيزات الطبية الحديثة ، والكفاءات العالية الطبية والتمريضية والفنية والإدارية ، والخبرة الطويلة ، والتطوير المستمر في البرتوكولات التشخيصية والعلاجية والتاهيلية ، والجودة العالية في الخدمات الصحية المقدمة ، والمعاملة الإنسانية التي ترفع من قدر الانسان ، وتحافظ على الكرامة والخصوصية دون تمييز اجتماعي أو اقتصادي أو جغرافي ، وتحقيق النتائج المرجوة ، وبناء الثقة بين المواطن والمريض من جهة وبين النظام الصحي من جهة أخرى يتطلب تشريعات وسياسات واجراءات صارمة وفاعلة تحقق التغطية الصحية الشاملة ، والخدمات الصحية عالية الجودة ، والعدالة والمساواة والانصاف ، والشفافية والحوكمة والمساءلة ،

وكل مايضمن ان النظام الصحي ومؤسساته والقائمين عليه جميعهم ترتكز خدماتهم على الانسان الفرد وتلبية احتياجاته الوقائية والعلاجية والتاهيلية في الزمن والمكان والطريقة الصحيحة والمثلى ، وإن النظام مؤهل وبه من المرونة والاستعداد والقدرة على الاستجابة السريعة في كل الظروف الصعبة ، والأزمات الصحية ، والكوارث الطبيعية وغيرها ، نظام صحي متكامل وموحد يُعني بدورة حياة الناس ، وأنماط المعيشة الصحية ، والبيئات المعيشية الصحية الصحيحة ( السكن والعمل والدخل والبيئة ) ، والغذاء الصحي المتوازن ، نظام متطور تقنيا وتكنولوجيا ومرقمن يقدم المعلومات للمريض بدقة ووضوح في ما يتعلق بالتشخيص وخيارات العلاج ، والمتابعة والتقييم المستمر ، لا مجال فيه للخطأ والتأخير والإهمال ، ولا مجال فيه لتضارب المصالح وتوظيف الغير صالح ، ولا مجرد حتى الاعتقاد بأي تسرب في البلاد لأدوية ولقاحات ومستلزمات طبية مزورة أو مغشوشة أو منتهية الصلاحية أو غير أصلية ، أو إحتمالية أن يكون أحد العاملين الصحيين غير مرخص وغير خاضع لبرامج تعليمية وتدريبية عالية ومعتمدة من الجهات المخولة عالميًا ، نظام صحي قوي يشمل قنوات فعالة لتلقي الشكاوى والملاحظات والتعامل معها بجدية ، ويقوم بشكلٍ متواصل بالتواصل مع الناس ورفع درجات الوعي بحقوقهم الصحية وبالثتقيف الصحي المستمر ،

إن الثقة على المستوى الفردي تُفقد بسرعة بسبب تجربة سلبية واحدة ، وتحتاج لتراكم مستمر من التجارب الإيجابية لإستعادة الثقة من جديد ، وتُفقد الثقة الجمعية في النظام الصحي عند حصول خلل أو تقصير في كل ما سبق توصيفه للنظام الصحي في ضعف البنية التحتية الصحية ، وتردي الخدمات ، وسوء المعاملة ، ونقص الكوادر الطبية في أعدادها وكفاءتها مع الاخطاء الطبية والمضاعفات ، وقوائم الانتظار الطويلة ، وانعدام الإمكانيات ، ونقص الأدوية والمستلزمات ، وانتشار الفساد والواسطة والمحسوبية ، وتسرب الأدوية والمستلزمات المزيفة والمغشوشة ،

ولهذا فقدان الثقة في النظام الصحي العام وعدم الرضا على الخدمات الصحية المقدمة يدفع الناس إلى اللجوء للقطاع الخاص والسفر للخارج رغم التكاليف الباهظة ، بحثًا عن سرعة الحصول على خدمات صحية بإمكانيات وتجهيزات حديثة ، ومعاملة واهتمام إنساني تحل الابتسامة والترحيب بدل العبوس والتنفير ، وإعتقاد بوجود كفاءات أعلى ، ومستوى آمان طبي ومتابعة أدق ، أو يسمع أو يعرف عن حالات مشابهة تم علاجها وشفائها ( الدعاية الفموية ) ،

وللأسف الشديد تؤثر هذه الظاهرة سلبًا على الاقتصاد الوطني ، وتزيد من الأعباء المالية على المرضى وذويهم ، مما يؤثر على الحماية الاجتماعية ، وتزداد معدلات الأمراض ، وتنخفض الإنتاجية لدى قطاع عريض من المجتمع ، ويتحول المرض لمشروع استثماري تتكالب عليه المؤسسات التجارية الربحية بأصنافها المختلفة ،

ولهذا من الأهمية القصوى ضرورة العمل بجدية على إصلاح النظام الصحي ، وتعزيز ثقة المواطن فيه . والثقة في الصحة تبداء بشعور المواطن والمريض انه إنسان وليس رقم ، وصاحب حق أصيل وليس عبء على أحد ، وتُبنى الثقة بالاحترام ، والثقة هي الحصن الأول للمريض قبل الدواء والطبيب ، والثقة لا تُمنح بل تكتسب بالمصداقية والعدالة والخدمات العالية الجودة ،

إن النظام الصحي الجدير بالثقة هو أعظم ما تملكه الأمم .

ولا استقرار ولا تنمية بدون صحة ولا صحة بدون ثقة ..

 

شاهد أيضاً

هاشم شليق

العام الدراسي القادم

هاشم شليق بعد الإطلاع على بعض الأنظمة التعليمية مثل كندا نجد أن أولياء الأمور يساهمون …