د ابوالقاسم عمر صميدة
من المعيب فى بلد النفط ان يلتجىء الكاتب والمثقف الى طرق مهينة لاصدار كتاب ، ومن غير المقبول ان يتردد الكاتب بمخطوطاته بين اروقة الجهلة ليقنعهم بجدوى وفائدة ان يقرأ الناس ، ومن المُخجل ان يتوسل الكتاب موافقة وزارة الثقافة لكى تساعده فى طباعة ونشر عمل ابداعى سواء كان قصائد شعر او رواية او دراسة او اى شكل من اشكال الابداع ، ومنذ فترة قرأت كتاب الشاعر والروائى التواتى احمد قنبى المعنون ” بأعلام من الجفارة” وقد استوقفنى انه ليس من منشورات المؤسسة الثقافية ومشتقاتها بل هو وبكل اسف من اصدارات ” شركة تهتم بتجارة الأدوية ، وهذا معيب لوزارة الثقافة التى لم تقدم أى رسالة جيده للمثقفين ، ولا استغراب فى ذلك اذ ان محاصصة الثقافة انتج كيان غريب عن الثقافة وشخوص لا علاقة لهم بالثقافة ولا برموزها فقد مرت ذكرى وفاة عدد من اعمدة الثقافة الليبية الحديثة دون ان تذكرهم وزارة الثقافة بكلمة ، وبالعودة الى كتاب اعلام من الجفارة فهو عمل يتناول شخصيات ليبية و يجمع بين الشعر والنثر ، بين الواقعية والرمزية ، بين السهل والمُعقّد ، انه اسلوب السهل الممتنع ، علي نحو فريد يتميز بالخيال والعمق دون تعقيد أو غموض.
ومنذ اصدار الكاتب لرواية الحوض اصبح يؤسس فى كتاباته لمنهج جديد يعتمد على منح القارىء مساحة اوسع للقبول والتفاعل ، كأن يشدك ببيت شعر يجعلك تبحث عن قائله ومناسبته وضروفه ، وهذا الاتجاه هو الذى يميز ” التواتى” حين يكتب انه المزاج الخاص والأسلوب المتميز الذي اصبح يُعرف به نتاجه وظهر ذلك جلياً فى كتابه الجديد( أعلام من الجفارة) الذى يتميز بالسرد المختصر والوضوح واعطاء الشخصيات توصيف مُلم فى إجاز مختزل دون انقاص المتحدث عنه شىء ، وهذا اسلوب صعب سلكه الأديب الشهير د يوسف ادريس والعقاد والحكيم ، فهو اى كاتبنا التواتى قنبى يميز اسلوبه بالوضوح وعدم المبالغة في القفل والإغلاق أو الغوص في الغموض ، لهذا كان على وزارة الثقافة ان تهتم بالكتاب والمثقفين ولا تتركهم يتجهون للبحث عن ناشرين لا علاقة لهم بالكتابة كشركات الأدوية .