استطلاع وتصوير / التهامي بلعيد
تواجه السياسات التعليمية في ليبيا تحديات كبيرة في تلبية احتياجات سوق العمل، حيث ارتبطت هذه السياسات بالانقسامات المؤسساتية والمحاصصة المناطقية، إضافة إلى الضغوط الاجتماعية والتغيرات الاقتصادية التي مرت بها البلاد منذ استقلالها وحتى اليوم.
ورغم الجهود المبذولة لتحسين التعليم العالي وربطه بسوق العمل، لا تزال هناك فجوة واضحة بين مخرجات الجامعات ومتطلبات السوق.
فجوة بين المناهج ومتطلبات السوق

يؤكد الدكتور «حسين سالم عمرو القماطي»، وكيل كلية الإعلام والاتصال بجامعة طرابلس، وجود فجوة بين المناهج الدراسية والمهارات المطلوبة في سوق العمل، لكنها ليست كبيرة نسبيًا، إذ أن العالم الرقمي وفر للطلاب إمكانية الوصول إلى المعلومات والمعرفة عبر المنصات العالمية وبرامج الذكاء الاصطناعي.
أدوات التحرير
ويرى أن ربط التعليم بسوق العمل يتطلب تحرير التعليم العالي من الإدارة التقليدية ووضع خطط استراتيجية طويلة المدى تشمل دراسة احتياجات المدن الليبية من التخصصات المختلفة، وتنظيم التنسيب بعد المرحلة الثانوية وفق حاجة السوق، إلى جانب استمرار الإيفاد لتبادل الخبرات خاصة في التخصصات التطبيقية التي تفتقر لدراسات عليا داخل البلاد.
آراء الطلاب
« خليفة عز الدين خليفة» قال إن تخصصه في الإعلام والاتصال يتوافق بدرجة كبيرة مع سوق العمل، مع استفادته من تدريبات عملية خلال الدراسة.
بينما أشار «أحمد عبدالغني رجب» إلى أن المناهج قديمة ولا تواكب التطورات التقنية الحديثة، مما يضطر الطلاب لتطوير مهاراتهم خارج نطاق الكلية.
غياب التواصل
بدوره، يرى الدكتور «أحمد الشرقاوي»، عميد كلية الفنون والتصميم، أن المشكلة الأساسية تكمن في اعتماد الدولة على أسلوب تعليمي كلاسيكي ثابت، وغياب التواصل بين الجامعات والمؤسسات الاقتصادية، مما أدى إلى فجوة بين التعليم وسوق العمل.

وأكد أن الحل يكمن في ربط مباشر بين المؤسسات المنتجة والمؤسسات التعليمية، مع تحديث المناهج بما يتوافق مع التطورات التقنية والذكاء الاصطناعي، لضمان جاهزية الطلاب للتعامل مع تحديات العصر الحديث.
غياب السياسات وتراجع التخصصات

فيما حصر الدكتور «عبد الكريم كندير» الأسباب الحقيقية لفشل التعليم العالي في عدم وجود سياسات واضحة أو تطبيقها بشكل فعّال، واصفاً الفجوة بين المناهج والتطبيق العملي بالعميقة.
وأشار إلى أن عدم تحديث التخصصات والمناهج أدى إلى تراجع أعداد الطلاب في بعض الأقسام العلمية، وبعضها يدرس بأعداد قليلة جدًا وفي طريقه للإقفال.
مسؤولية مشتركة
يبين الاستطلاع أن ربط التعليم العالي بسوق العمل في ليبيا ليس مسؤولية الطلاب وحدهم، بل يحتاج إلى تنسيق شامل بين الجامعات، المؤسسات الاقتصادية، ووزارات الدولة المعنية. التحديث المستمر للمناهج، توفير التدريب العملي، إعادة هيكلة التخصصات وفق خطة استراتيجية طويلة المدى، وتوجيه الطلاب وفق احتياجات المجتمع.
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية