منصة الصباح

التعليم الثانوي

د. علي المبروك أبوقرين

 

لطالما كانت شهادة الثانوية العامة نقطة تحول في حياة الأجيال المتعاقبة، حيث تحدد مساراتهم المستقبلية ونوعية العمل والتخصص الذي يسعون إليه. تميّز بعض الطلاب بالاجتهاد فحققوا أعلى الدرجات، مما أتاح لهم فرص الانضمام إلى الكليات التي طالما حلموا بها. في المقابل، فرضت الثانوية العامة ومعدلاتها على آخرين توجهات مختلفة. على مدار العقود، أصبحت الثانوية العامة مصدر قلق دائم للطلاب وأسرهم، وكذلك للمؤسسات التعليمية والجهات المختصة بالتخطيط والتعليم والبحث العلمي.

وفي الوقت الذي نقدّم فيه أصدق التهاني للناجحين في الثانوية العامة لهذا العام، نتساءل: هل الجامعات الليبية مستعدة لاستقبال هذه الأجيال الجديدة؟ وهل هي قادرة على صقل المواهب وتكوين كوادر بشرية تمتلك العلوم والمعارف الحديثة؟ إن البنية التحتية التعليمية والمناهج وطرق التدريس في ليبيا بحاجة إلى مراجعة شاملة لتواكب التغيرات العالمية السريعة في مجالات التقنية والتكنولوجيا.

من الضروري أن تعيد الجهات المعنية النظر في العملية التعليمية ككل، بما في ذلك الثانوية العامة والتعليم الجامعي. يجب أن تضع الجامعات والمعاهد خططًا تواكب التطورات وتلبي الاحتياجات الحقيقية من القوى البشرية الوطنية المؤهلة. فليبيا، كدولة شابة وذات قدرات اقتصادية واعدة، لديها الفرصة لتكون في صدارة الأمم علميًا وتساهم في بناء الحضارة الإنسانية.

لقد حققت ليبيا في الماضي نجاحات كبيرة في مجالات التعليم والتنمية البشرية، مما جعلها تتخطى مراحل الأمية والفقر نحو التعلم ورفع مستوى المعيشة. وعلى الدولة اليوم أن تواصل هذا المسار، من خلال تطوير المؤسسات التعليمية بشكل عادل ومتوازن في جميع أنحاء البلاد، وتحسين البنية التحتية والمناهج التعليمية، والتركيز على التحصيل العلمي وتطوير العقول البشرية.

بلادنا بحاجة ماسة إلى مؤسسات تعليمية حديثة ومتكاملة، معايير عالمية متميزة، وسياسات تدعم هوية اقتصادية إنتاجية وبحثية حقيقية، بعيدًا عن الاقتصاد الاستهلاكي المدمر. ويجب أن نرفض بشدة تسليع التعليم إذا كنا نسعى لخير الوطن وازدهاره.

شاهد أيضاً

ثلاثة في أسبوع واحد

أحلام محمد الكميشي   كنت أنوي الكتابة عن مصرفنا المركزي المترنح وحقولنا النفطية المغلقة وسياستنا …