استطلاع/عواطف علي
يوماً بعد الآخر يتغوّل التضخم قافزاً بالأسعار إلى مديات غير مسبوقة، ما يضع الأسر الليبية تحت ضغط اقتصادي متصاعد.
الواقع مُعاش ماثل للعيان والمآلات مخيفة، أما الأسباب فمتعددة بين غياب الرقابة الفعّالة وتذبذب سعر صرف الدينار في السوق الموازي، والحلول لا تغادر مناطق الأماني والأحلام.
مرة أخرى، تفتح «الصباح» هذا الملف، مستعرضة معاناة المواطنين اليومية، ومحاولة قراءة المشهد الاقتصادي رفقة الخبير الاقتصادي «محمد درميش»، مشرف الملف الاقتصادي والاجتماعي سابقًا بالمركز القومي للدراسات والبحوث العلمية.
بين غلاء الأسعار وتآكل الدخل

يؤكد المواطن «جمعة سليمان»، وهو كذلك ناشط ومهتم بالشأن العام، أن الارتفاع الجنوني للأسعار ضرب أساسيات الحياة اليومية، حتى باتت المصاريف الضرورية تلتهم أغلب الدخل، دون قدرة على الادخار أو مواجهة الطوارئ.
دخول غير قادرة على تغطية الاحتياجات

ويُرجع «سليمان» الأزمة إلى اتساع الفجوة بين الدخل والإنفاق، معتبراً أن الدخل الشهري أصبح عاجزًا تمامًا عن تلبية الاحتياجات الأساسية، بعدما تجاوزت المصاريف ما يتقاضاه المواطن فعليًا، ما دفع كثيراً من الأسر إلى تغيير أنماط استهلاكها، وتقليل شراء بعض السلع، والاستغناء عن أخرى رغم الحاجة إليها.
الدولار… عامل رئيس
كما يرى «سليمان» أن أزمة الدولار تُعد أحد أبرز أسباب الغلاء، لكنها ليست الوحيدة؛ إذ يتداخل معها استغلال التجار وضعف الرقابة، إلى جانب منح الاعتمادات لجهات محددة، مما يخلق بيئة احتكارية تزيد العبء على المواطن.
أسباب بنيوية

الخبير الاقتصادي «محمد درميش» يقدّم تحليلاً للأسباب البنيوية التي تقف خلف تضخم الأسعار في ليبيا، معتبراً أن الأزمة لا تقتصر على السوق أو التجار، بل تمتد إلى عمق السياسات النقدية والمالية واتخاذ القرارات الاقتصادية. ثم يمضي موضحاً أن سلسلة القرارات المتعلقة بتخفيض قيمة الدينار فرضت آثاراً واسعة على الأسعار، حيث رسخت غياباً كاملاً لمصرف ليبيا المركزي والمنظومة المركزية في إدارة الأزمة ومتابعة المؤشرات الاقتصادية بشكل متواصل.
كيف الخروج من الأزمة؟
ويشدد «درميش» على أن غياب الانسجام بين السياسات النقدية والمالية والتجارية يعطّل قدرة الدولة على التحكم في السوق، واعتبر أن الخروج من الأزمة يكمن في خلق تناغم كامل بين السياسات المالية والتجارية والنقدية كمنظومة اقتصادية واحدة، ووضع خطة استراتيجية لإدارة الأزمة تعتمد على المتابعة اللحظية لمؤشرات السوق، واتخاذ قرارات مرنة وسريعة، بما يضمن كبح التضخم وتخفيف العبء عن المواطن، وحماية الاقتصاد الوطني من المزيد من التدهور.
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية