منصة الصباح
غياب التخطيط العمراني فاقم فوضى المدن؟

غياب التخطيط العمراني فاقم فوضى المدن؟

استطلاع وتصوير: أسماء كعال

ازدحام وطوابير من المركبات الآلية المتكدسة على الأسفلت، وحركة مرورية صعبة، عراك وصراع وربما حلبات ملاكمة تنتظم دونما تنسيق على قارعة الطرقات، أبطالها سائقون ضاقوا ذرعًا بالاختناقات المرورية.

هذه حكاية كل يوم لأي مواطن ليبي يخرج من منزله قاصدًا العمل أو الدراسة. حكاية الازدحام التي باتت معلماً من معالم حياتنا. أما الأسباب فمعقدة، تتضمن ضعف البنية التحتية وانعدام الذوق لدى كثير من السائقين، بينما يجسد غياب التخطيط العمراني ثالثة الأثافي وأُسَّ المشكلة.

بعض التراخيص تُمنح دون الالتزام بالشروط الفنية
أنشطة متداخلة

في شارع الكليات باتجاه جامعة ناصر بالعاصمة طرابلس ، تتكدس السيارات أمام مصرف ومحل كوافير. هناك تحدثت إلينا إيناس الجبالي، صاحبة الكوافير، قائلة:

“لقد وضعتم إصبعكم على الجرح، فأنا أعاني كل يوم من روائح الطعام والدخان وعوادم السيارات أمام المحل، والزبائن يشتكون من ضيق المكان وصعوبة الوصول. أعمل رغم ذلك لأن الإيجار مناسب، لكننا بحاجة إلى جهة تنسق أماكن مزاولة الأنشطة وتضع كل مهنة في موقعها الصحيح”.

شوارع سكنية تحولت إلى أسواق

من منطقة الهضبة الخضراء بطرابلس ، يصف عبد الله الأسطى المشهد بأنه كارثي، قائلًا:

“المحال انتشرت في الشوارع الداخلية، والسيارات تصطف عشوائيًا، خصوصًا أمام المطاعم. السبب أن التراخيص تُمنح بلا ضوابط، دون مراعاة لاختناق الطرق أو طبيعة الأحياء السكنية”.

ويرى أن وقف الفوضى يبدأ بتخطيط مدروس يراعي الطاقة الاستيعابية لكل منطقة.

تراخيص بلا حدود
محمد ناعم، الناطق باسم جهاز الحرس البلدي

أما محمد ناعم، الناطق باسم جهاز الحرس البلدي، فيوضح أن:

“إصدار التراخيص من اختصاص البلديات، ودور الحرس البلدي يقتصر على المتابعة. لكن هناك فوضى واضحة في تحديد الأنشطة، فالتراخيص تصدر من جهات متعددة، وبعضها دون دراسة أو تخطيط”.

ويضيف: “إصلاح الخلل يحتاج وقتًا وثقافة جديدة تشجع الناس على الانتقال للضواحي، لكن غياب الخدمات يجعل البقاء في وسط المدينة الخيار الوحيد”.

غياب التخطيط والرقابة..

من جانبه، يؤكد عدنان اليعقوبي من مكتب التخطيط العمراني طرابلس أن تداخل الصلاحيات وضعف التنسيق سبب رئيسي في انتشار الأنشطة وسط الأحياء السكنية، مضيفًا:

“هناك تساهل مع بعض المواطنين بسبب الظروف الاقتصادية، ما أدى لتحويل المنازل إلى محال تجارية. كما أن بعض التراخيص تُمنح دون الالتزام بالشروط الفنية أو التنظيمية”.

المدن الليبية تبحث عن نظامٍ يليق بها

ويختتم قائلًا:

“الحل يبدأ بتحديث الخرائط العمرانية وإنشاء مجمعات تجارية خارج التجمعات السكنية، وتفعيل الرقابة الميدانية لمنع مزاولة الأنشطة في أماكن غير مخصصة لها”.

ازدحام الطرقات اليوم هو الوجه الأوضح لغياب التخطيط العمراني، وصوت أبواق السيارات يذكّرنا كل صباح بأن المدن الليبية ما زالت تبحث عن نظامٍ يليق بها.

شاهد أيضاً

ليبيا تؤكد على التعاون الدولي لمكافحة الإتجار غير المشروع بالأسلحة

ليبيا تؤكد على التعاون الدولي لمكافحة الإتجار غير المشروع بالأسلحة

جدّدت بعثة ليبيا الدائمة لدى الأمم المتحدة اليوم الاثنين تأكيدها على أن انتشار الأسلحة غير …