منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية
مقالات مشابهة
استطلاع / سعاد الفرجاني
مع كل موسم، تتحول حقول البرتقال إلى ساحةٍ تتصارع فيها المصالح، حيث تُقطف الثمار قبل نضجها في ممارسة تُعرف بـ«القطف المبكر». يسعى من خلالها بعض التجار والمزارعين وراء الربح السريع، مستغلين ارتفاع الأسعار في بدايات الموسم، ما يؤدي إلى تراجع جودة المنتج وتأثيره السلبي على صحة المستهلك.
مؤشرات النضج…
المهندس الزراعي عثمان حبيل أوضح أن للبرتقال علامات واضحة تدل على النضج الفسيولوجي، أبرزها تغير اللون من الأخضر إلى البرتقالي، بلوغ الحجم النهائي، نعومة القشرة وسهولة فصل الفصوص، إضافة إلى توازن الطعم بين الحلاوة والحموضة وانبعاث رائحة عطرية تدل على اكتمال النضج.
مواسم الحصاد..
وأشار حبيل إلى أن مواسم النضج تختلف باختلاف الأصناف، فالبوسفي البلدي من أكتوبر إلى ديسمبر، وأبو صرة من نوفمبر إلى يناير، وفالنسيا من فبراير إلى أبريل، مؤكدًا أن الالتزام بهذه المواعيد يحافظ على الجودة والقيمة الغذائية للثمار,
معايير الجودة والإرشاد الزراعي…
وبيّن حبيل أن تحقيق الجودة يتطلب تحاليل دقيقة تشمل نسبة المواد الصلبة والحموضة والزيوت وفيتامين «C». وأكد أن التغاضي عن هذه المعايير يُضعف ثقة المستهلك بالسوق المحلي. كما شدد على أهمية الإرشاد الزراعي والتوعية بمخاطر القطف المبكر عبر الندوات والمطويات، ودعا إلى الالتزام بفترة الأمان قبل التسويق، وتجنب الجني بعد الأمطار لضمان سلامة المنتج.
التركيبة الغذائية للثمار المبكرة…
من جانبه، أوضح الدكتور حمدي عبد الله اللمامشة أن
جني البرتقال قبل اكتمال نضجه يُفقده تركيبته الغذائية، إذ تكون الثمار ناقصة الفيتامينات والمعادن والمركبات الفينولية، مما يحولها إلى شكلٍ فقط بلا قيمةٍ غذائيةٍ حقيقية.
تراجع مضادات الأكسدة..
وأكد اللمامشة أن القطف المبكر يقلل من مضادات الأكسدة الأساسية التي تحمي الجسم من الالتهابات وتدعم المناعة. كما أن الثمار غير الناضجة تحتوي على سكرياتٍ بسيطةٍ لا تُشبع ولا تمنح طاقة كافية، ما يربك مستوى السكر في الدم، خصوصًا لمرضى السكري.
آثار صحية ومشاكل هضمية…
وأشار الدكتور إلى أن تناول البرتقال غير الناضج قد يسبب مغصًا وحموضةً واضطراباتٍ هضميةً للأطفال وكبار السن، داعيًا إلى الصبر حتى اكتمال النضج لتجنب هذه الأعراض وضمان الفائدة الصحية. كما أوضح أن العصير الناتج عن الثمار المبكرة يكون حامضًا وضعيف القيمة، بخلاف عصير الثمار الناضجة الغني بفيتامين «C» ومضادات الأكسدة.
لكل صنف زمنه الخاص..
نبه اللمامشة إلى أن لكل صنفٍ من البرتقال زمن نضجٍ محددًا يحفظ طعمه وقيمته وهويته، محذرًا من أن القطف المبكر يمحو هذا التميز ويضعف جودة المنتج الوطني.
رأي التجار المستهلكين..
في المقابل، يرى التاجر علي عوض أن بيع الثمار في بداية الموسم «فرصة ربح مشروع» وليست غشًا، مؤكدًا أن الزبائن يُقبلون على «باكورة الموسم» رغم ارتفاع السعر إلى 15 دينارًا للكيلوغرام.
أما المواطن عبد الرازق فأعرب عن رضاه بالشراء رغم علمه بعدم النضج، في حين ترى نجاة الميري أن البرتقال مصدر فيتامينات للأطفال دون إدراكٍ لمخاطر الثمار غير الناضجة.
حلقة مفرغة..
وهكذا، يلتقي جهل المستهلكين برغبة التجار في المكسب السريع، لتستمر حلقة «البرتقال قبل أوانه» على حساب الجودة، والصحة العامة، واستدامة القطاع الزراعي.
