منصة الصباح

الاعذار الواهية

محمود السوكني

لا تصدقوا أن المشكلة تكمن في القاعدة الدستورية ، ولا هي في غياب الترتيبات الأمنية لضمان سلامة العملية الإنتخابية !

لا يشطح بكم الخيال بعيداً وتعتقدوا أن القدر يناكفكم أو أن الحظ يخاصمكم ..

العلة في ذواتنا .. والمشكلة في انفسنا ..

نحن من استمرأ المذلة وتماهى مع المسكنة وخلد إلى الدعة والسكون ورضي بما هو موجود لأنه (مكتوب) ولأن (الله غالب) ونسينا أننا من كان سبباً فيما نحن فيه بتخاذلنا ورضوخنا وطأطأة رؤوسنا ذلاً وهواناً وخيبةً وضعف .

الله لم يكتب علينا المذلة ، و (الله غالب) لم تكن يوماً مشجباً نعلق عليه خيباتنا ..

ولكنه غياب الوعي بفداحة ما ينتظرنا وهول ما سيأتي على بقيتنا..

كل المبررات والاعذار التي يكررونها على مسامعكم صباح مساء ليست سوى خدع سياسية اخترعوها لإطالة زمن بقائهم في السلطة لأداء الادوار المكلفين بها ممن فرضوا وجودهم على رقابنا لينفذوا تعليماتهم ، ويغرفوا ما شأوا من خيرات هذا البلد التعيس .

إذا كان الأمر مرهوناً بوجود الدستور ، فهناك لجنة الستين المنتخبة لهذا الغرض قد فرغت من مهمتها منذ سنوات واعدت مشروع دستور جاهز للتصويت على بنوده ، فلماذا لا يطرح في إستفتاء عام حتى ننتهي من هذه المعضلة ؟

أمّا عن الترتيبات الأمنية لضمان سير العملية الإنتخابية فهي مقدور عليها إذا ما أمرت بذلك تلك الدول التي اصبحنا رهائن عندها منذ عقد من الزمن !

طبعاً ، لن يطرح مشروع الدستور للإستفتاء ، ولن تتوفر الترتيبات الأمنية لإجراء الإنتخابات/الحلم ، لأن ذلك ببساطة سينهي فصول هذا العهد السياسي الهجين الذي رزئنا به وهو ما لن يحدث بالأماني الطيبة أو بإستعطاف مستعمرينا الجدد الذين لا يريدون لهذا الوطن أن يهنأ ويستقر خوفاً من أن يخرج ساسته عن طوعهم وأن يعود شوكة في خاصرتهم .

قبل أن تنهي مهمتها المستحيلة ، صرحت السيدة ستيفاني ويليامز لبعض الشخصيات في شرقنا الحبيب ومن بينهم السيد خالد الترجمان رئيس مجموعة العمل الوطني بأن دولاً بعينها لا تريد إنتخابات في ليبيا ، وهذه الدول ليست موزمبيق أو غرينادا أو ما شابه -مع شديد الإحترام لكليهما- بل دول أخرى تتحكم في مصائر شعوب الأرض المغلوب على أمرها بما في ذلك تلك المنظمة الدولية التي سئمنا وعودها ولم تعد تبهرنا بياناتها ولا تشغلنا تصريحات بيادقها .

عندما تصحوا ضمائرنا الوجلة ، ويذهب الخوف القابع في قلوبنا ..

عندما ندرك أن الوطن الذي أؤتمنا عليه يضيع من بين ايدينا .. عندما نثق بأنه سبحانه لا يغير ما بنا حتى نغير ما بأنفسنا .. عندها فقط نستحق العيش على آديم هذه الأرض و يتشرف الوطن بإنتسابنا إليه .

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …