كاميــرا خلفيــة
بقلم : أحمد الرحال
هناك حرب على طرابلس يسمع عنها كثير من الليبيين في طرابلس نفسها لكنهم لا يعرفون حجمها لأنهم لا يقيمون قريبا من أماكنها. نعم هم يسمعون أصوات انفجارات وقذائف ويتذمرون ويعبرون عن خوفهم لأن الحرب أصابت الجميع بويلاتها فعلا، لكن التعامل مع الواقع يختلف، فهناك أيضا من يستغلون فوضى الحرب ويتمنون استمرارها كي تستمر استفادتهم.
عندما يستغل مواطن ليبي مواطنا ليبيا آخر لأنه نازح عن المنطقة التي فيها بيته بسبب الحرب فإن الأمر يزداد تعقيدا. سمعت بنفسي عن أناس عرضوا بيوتا غير صالحة للاستعمال الآدمي تقريبا، وأجروها بأسعار خيالية مع شروط بقبض شهور مقدما على الرغم من أزمة عدم توفر السيولة.
وهناك أنواع أخرى تستغل الحرب وظروفها بالنصب، فتجد من يندس بين النازحين المشردين في المدارس والتجمعات من أجل الحصول على بعض الطعام مجانا، وبعض هؤلاء يعيشون في حالة جيدة ولم يتأثروا بأي ضرر، بل منهم من قد يكون شبه غنية.
ونسمع أيضا عن سارقين يدخلون البيوت المهجورة ليسرقوا كل شيء تطوله أيديهم، وهؤلاء تحديدا يشوهون صورة المدافعين عن طرابلس فيظن بعض الناس أن من يقومون بالسرقة هم المقاتلون أنفسهم. وقد تمكنت قوات أمنية رسمية من القبض على مجرمين يسرقون البيوت في مناطق مهجورة.
استغلال الحرب مارسه أيضا بعض الأدعياء ممن يقولون إنهم على اتصال بالجبهات وأن لهم دورا في توجيه المقاتلين وقيادات القتال، تجد من هؤلاء من يسير بين الناس متحدثا عن نفسه وكيف أنه صاحب كلمة ورأي مسموع لدى المقاتلين، وكأن المقاتلين لا يتبعون قوات عسكرية نظامية لها قيادتها وغرف عملياتها الرسمية.
هذا النوع من الاستغلاليين يحاولون أن يبذروا بذورا قد يستفيد منها في المستقبل عندما تنتهي الحرب على طرابلس ويندحر العدو الغازي.
الاستغلال في زمن الحرب يشبه تجارة الحرب أو ربما هو جزء منها. فهناك تجار السلاح في الشارع الذين يبيعون السلاح من تحت الطاولة ولا يهمهم من يشتري، وفوق ذلك قد يكون مصدر البضاعة مشبوها.
باعة السلاح الخفيف لا يهمهم من يشتري السلاح منهم، فلا يهم إن كانوا سيستخدمون السلاح في السرقة أو الانتقام أو الحماية الشخصية في زمن الحرب.
ويصاحب هؤلاء باعة المخدرات والمؤثرات العقلية، وذلك لكي يتمكن الحالمون الجبناء من تصور أنفسهم شجعانا يستطيعون فعل كثير مما تعجز عن تصوره عقولهم حين تكون غير مخدرة.
الصنفان الأخيران يزداد خطرهما إن اختلطا، فحين يحمل السلاح شخص مخدر قد يقتل أو يقوم بجريمة عنف تسبب كارثة.
وقد سمعنا عن جرائم قام بها متعاطو مخدرات فقتلوا أو أحدثوا كوارث. هناك منهم من قتل أخاه أو أخته أو قريبه أو صديقه.
هذه الأنواع من الاستغلال أشاء الحرب قد تكون مقبولة وتحدث أشاء الفوضى، لكن المصيبة حين يكون بعض الذين يستغلون الأوضاع والحرب هم من المسؤولين في البلاد .