خلود الفلاح
منذ أن وضعت ليبيا تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة عقب صدور قراري مجلس الأمن 1970 و1973 في مارس 2011، تولّت الأمم المتحدة دورًا محوريًا في المشهد الليبي، عبر بعثات سياسية متعاقبة وجهود متكررة لتيسير الحوار بين الأطراف المتنازعة.
ونتج عن ذلك اتفاق الصخيرات عام 2015، ومؤتمر برلين، وخارطة الطريق السياسية.
واقع سياسي معقد
يرى مراقبون أن الأمم المتحدة، رغم نجاحها النسبي في فرض وقف إطلاق النار، لم تنجح في الدفع نحو حل سياسي يلزم كل الأطراف الليبية الامتثال له.
فالمؤسسات السيادية منقسمة، التدخلات الخارجية تعقد مهام الوسيط الدولي.
فمثلا، في 20 مايو الماضي، نُشرت خلاصة عمل اللجنة الاستشارية التي شكلتها البعثة في فبراير، والتي ضمّت مجموعة من الشخصيات السياسية الليبية.
إلا أن التوصيات الأربعة التي خرجت بها اللجنة قوبلت بانتقادات واسعة، واعتُبرت إعادةً لإنتاج الأزمة السياسية بدلًا من تقديم حلول جديدة.
وهنا نطرح الأسئلة: هل نجحت الأمم المتحدة في دعم ليبيا نحو الاستقرار؟ هل عملت من أجل انتخابات رئاسية وبرلمانية؟
رغم مرور أكثر من 13 عامًا على التدخل الأممي في ليبيا، لا يزال الطريق نحو الاستقرار مسدودًا.
وبين جهود دبلوماسية لا تتوقف، وواقع سياسي يتسم بالتعقيد، تبقى الأمم المتحدة أمام اختبار حقيقي: إما إعادة بناء ثقة الليبيين في مسار ترعاه، أو أن تجد نفسها طرفًا في أزمة طويلة الأمد.
مصالح استراتيجية
في تقييمه لأداء القوى الكبرى، يرى الباحث السياسي إدريس إحميد أن تدخل الولايات المتحدة وغيرها من الفاعلين الدوليين لا يجري بالضرورة ضمن مظلة الأمم المتحدة.

ويؤكد أن واشنطن تتحرك عادة وفق أولوياتها الاستراتيجية، متجاوزة قرارات المنظمة الدولية حين تقتضي الحاجة.
وأضاف “في الحالة الليبية، فإن التحركات الأمريكية الأخيرة تعكس هذا النمط.
فإدارة واشنطن قد تلجأ إلى بناء شراكات مباشرة مع أطراف محلية تراها موثوقة، متجاوزة دور البعثة الأممية إن رأت أنها عاجزة أو مقيدة بسبب الخلافات داخل مجلس الأمن.”
ويتابع: هذا يعيدنا إلى المعادلة الحاسمة.
إذا استمر الليبيون في الارتهان للتدخلات المتقاطعة دون بلورة موقف وطني موحد، فإن مصير الأزمة سيبقى رهين حسابات الخارج لا إرادة الداخل.
أن المسؤولية النهائية تبقى على عاتق الليبيين أنفسهم، الذين سمحوا – بفعل الانقسام الداخلي وضعف الشعور الوطني – بتمدد نفوذ الفاعلين الخارجيين إلى هذا الحد.
من جهته، يشير رئيس حزب العمل الليبي، عيسى التويجر، إلى أن البعثة الأممية ومبعوثيها دأبوا على نهج القسمة والمحاصصة بين المتصارعين على كرسي الحكم في ليبيا، دون وجود رؤية حقيقية للحل أو معالجة لجذور الأزمة، وأضاف:

“أن التدخل الخارجي يظل المعضلة الكبرى التي تعطل فرص التسوية، متى ما اتفق المجتمع الدولي، فإن الحل في ليبيا سيكون ممكنا وسريعا”.
ويختم “مشكلة ليبيا هي هذه المحاصصة المقيتة، سواء على مستوى المجتمع الدولي في اختيار مبعوث يرضي الجميع، أو على المستوى المحلي في اختيار المسؤولين بعيدًا عن الكفاءة والتمثيل العادل.”