استطلاع / سلمى النور
في هذا العدد نعيد نشر الاستطلاع الخاص بالأغنية الليبية نظرا لبعض الأخطاء غير المقصودة التي وردت في نشره الأول وحرصا منا على المصداقية في النشر واحتراما لكل من شارك به ومن جمع الآراء فيه، قررنا إعادة نشره مع كل الود .
تشغل الأغنية بصورة عامة حيزا واسعا في تشكيل الأفكار وبث المشاعر بشكل مبسط وخاصة الأغنية الوطنية التي من شأنها تعزز روح الانتماء للوطن والدفاع عنه.
وقد لاحظنا في الآونة الأخيرة غياب الأغنية الوطنية الليبية، ومن أجل الوقوف على أسباب ذلك، إلتقينا بالعديد من الفنانين لنستطلع آراءهم حول ذلك.
وكانت البداية مع العازف/يوسف حسن عريبي قائد فرقة حسن عريبي للمالوف والموشحات و مدير شؤونها والذي توجهنا إليه بسؤالنا حول ذلك الموضوع فأجابنا قائلا…
إن الأغنية الوطنية الليبية بعد استقلال ليبيا سنة1951 تنافس الملحنون داخل وخارج البلاد في تلحين عدد من الأعمال الوطنية معبرين فيها عن حبهم وفرحتهم بوطنهم و في مرحلة أخرى كلما وُجهت دعوة للفنانين لتقديم أعمالهم الوطنية إلا أن لجنة إيجاز الأعمال كانت تستبعد الأعمال التي تتغنى باسم ليبيا وكانوا يطلبون منهم التغني بالنظام السابق وقد لحن وكتب بعضهم ومنهم من لم يرغب بأن يغني لهم فأصبحت الأغنية الوطنية في ليبيا ليست و طنية بل ثورية.
وأصبحت الثورة وقائدها عنواناً لها و بعد أحداث فبراير ظهرت مجموعة أعمال ومع تكرارها وتزامنها مع الأحداث تعلقت بها الجماهير ومع الوضع السياسي في ليبيا الآن أصبحت الأغنية مُسيّسة و تغني لسين أو صاد وفي رأي الشخصي لا يستطيع الفنان في هذه الأوقات الصعبة والإعلام المُسيس أن يقدم شيئاً لوطنه بحكم أنه لا توجد بيئَة وطنية صافية من الخصوم و يعلم أنه لو غنى لوطنه عبر قنواتهم ستسيّس الأغنية ضد الطرف الآخر ولكن أنا شخصيا لدى أعمال لم أجد فرصة لتقديمها بسبب ماذكرته.
ونتمنى أن يعيش الفنان بعيدا عن التجاذبات السياسية ولا يقحم فيها.
وحدثنا أيضا الموسيقار / رمضان غمق عن الأسباب التي يراها ذات علاقة بغياب الأغنية الوطنية الليبية فقال:
أرى أن الظروف والواقع المؤلم الذي نعيشه والمناخ الفني المتشظي وعدم اهتمام المسؤولين كل هذه الأشياء تعتبر عوامل مؤثرة جدا بالرغم من أن الحدث والآلام والظروف والحزن والفرح وكل هذه الأمور تخلق أغنية.
وكما يوجد جهات من شأنها أن تدعم الحركة الفنية للأسف هي اليوم مفقودة مثال على ذلك في السابق كانت قناة الوطنية داعم لإنتاج الأعمال مادياً لكن اليوم الإذاعة تعاني ولا تستطيع حتى توفير أبسط الأمور نظراً لعدم توفر الإمكانيات المادية الداعمة من الدولة للمؤسسات الفنية والثقافية.
وأضاف «غمق» قائلا أن غياب الفنان أيضا له دور كبير في غياب الأغنية الوطنية فهو غالباً
لايستطيع أن يصل إلى قاعات التسجيل الحقيقة الإجابة مكشوفة وليست مخفية فالواقع المؤلم كل مايحدث له تأثير ومع كل هذا يمكنني القول أنه لا يزال هناك شباب متواصلين ويقومون بالتسجيل رغم الظروف وهذا من أجل الوطن الحبيب ليبيا.
وتواصلنا أيضاً مع عازف آلة الكمان المبدع /عصام آغا الذي أبدى لنا برأيه قائلا:
السبب ليس واضحا وهناك أسباب عدة منها الميزانية التي تمول الأعمال الوطنية وأيضا العامل الديني فالبعض يقول إن الموسيقى حرام وربما الوقت الذي تمر به البلاد لايسمح لنا بالخوض في مثل هذا النوع من الأغاني وفي رأي البعض يوجد أهم من الموسيقى والمهرجانات والحفلات وما إلى ذلك…
وأعتقد أنه من سنة 2011 إلى اليوم لم يصدر في ساحة الفن الوطني سوى ( أغنية ثورة الصبار لشيخ البهلول وأغنية ليبيا ياليبيا وألبوم الدكتور عمر الرابطي رحمه الله بما فيه أغنية غريان) .
وأضاف الآغا قائلاً.. أنا أُدين وزارة الثقافة على هذا الإهمال فعلي سبيل المثال تقدمت بمبادرة تقديم عمل الفصول الأربعة ولأول مرة في تاريخ الفن الليبي وربما في الوطن العربي أيضا والمتعارف على هذه المقطوعة أنها عبارة عن أربعة كونسيرتوآت للكمان (الربيع _ الخريف _ الصيف _ الشتاء) لكن للأسف لم يعطوا أي إنتباه حيث تلقيتُ ردود فعل إيجابية في الشارع الفرنسي ولم ألقاها في وطني.
الفنان أحمد هاشم يرى…
أن ما حدث تدهور سيكيلوجي وعملية إحباط لدى معظم الفنانين اتجاه الأغنية الوطنية وخوف شديد كذلك بطريقة التأويل .
والوطن حاليا في مرحلة حرجة وجل الفنانين والمختصين في هذا المجال لديهم تعصب بسبب كيفية غناء الأغنية الوطنية .
وأغلب الأغاني من هذا النوع تذهب إلى أشخاص معينين موجودين حاليا على السلطة.
وبالطبيعة الفنان إنسان ولديه عائلة ويجب عليه الحرص الشديد وأخذ الحيطة والحذر على كيفية الغناء للوطن وقد كانت لدي تجربة ( إلى يحب الله يحب بلاده ) وهي وطنية ولم أقم بغنائها إلا مرة واحدة وكانت في مناسبة فقط .
وأنا لا تستهويني الأغاني الوطنية حتى في العهد السابق لم اقم بأخذ أي عمل أو أقوم بغنائه لأنني لا أحبذ التمجيد لأي أحد لأن الوطن وطن وليس أشخاصا .
أنا كشخصية فنية عُرضت على بعض الأعمال لأقوم بغنائها من قبل وزارة الثقافة إلا أني رفضتها بسبب التوجهات.
وتواصلنا أيضا مع عازف الإيقاعات في فرقة الإذاعة وفرقة الزمن الجميل الفنان عوض حداد..
والذي أشار بأن السبب هوا الوضع الراهن للبلاد التي تعاني من الانقسامات وبالتالي كل شخص يغني لجهة معينة وحكومة معينة فعلي سبيل المثال كنا نستمع لأغاني الراحل محمد حسن بروح الوطنية وكان جُل الشعب يستمع إليها دون انقسامات، أما الآن باعتقادي أن التركيز أصبح على التوجهات أكثر من الوطن.
كما إننا متفائلون خيرا بعون الله فقط يظل لنا الوطن وسنعمل على ملحمة كبيرة تكون وطنية تغنى بها جميع شرائح الليبيين.