الملح والنخبة (5)
حسام الوحيشي
الباتشولي مع دفء غزير والجرانيوم مع الكثير من الضوء. هذا هو ما فاح في عقله عندما أمسك الرسالة بمغلفها اللطيف، الذي كان مشطورًا بين البنفسجي الغامق والأصفر. لم يجد الطوابع، فعقد حاجبيه متفرسًا، وسرعان ما فتح الظرف ليجد قصاصة لطخها الحبر وبضع سطور. لاحظ: “لقد كتبت بالحبر السائل، من يستعمل المداد؟” كان يقرأ “ليست لافتة متجر ليفهمها الجميع. هنا لا يباع الخبز، ولا يمنع دخول الدلالة والكلاب بتاتًا. ولأن الشاعر يكره التصفيق والتبن والمستنقعات الضحلة، أظنني شاعرة لا تحب الحظائر والسباخ والكفوف على بكرة أيديها. تخيل معي كوكبًا بلا أيدي، سيكون بائسًا وجميلاً وسيعجبك. في الواقع، أعتقد أني صورة فوتوغرافية للوحش الذي فشلت في أخذه لنزهة.
يا عزيزي، أنا أكتب لك وأراقب أصابعي بتمعن. أعني لن أفتقدها كثيرًا:
بنص مبرح في فمها تتجاوز الصباح.
ارتدي ثوبك الرمادي وبللي أعناق الصنوبر.
لأوجاع الأرض النبيلة تحنانًا وصبرًا.
وهي تنذر أفلاذها للحصاد.
وجدرانها للطواغيت اللطيفة.
في وجهها، جفنان يثقلهما الحلم الأخير.
لا تنامي قبل أن تخبري العطش بكل شيء.
أخبريه عن أسرار القرنفل في النوافذ.
والقصيدة النافرة من نثر العالم.
عن فم الناي الذي ابتلع النباح.
عن الاستعارات التي تصنع وطنًا.
وتوسمي في الهاربين من سعال الأبجدية كل خير.
وعند الليل، بنص مبرح في فمك تعالي.
سنشكر أصابع الريح الخفيفة.
ونقلم أظافر الخيبات.
ونغزل من أنفاس البحر عشبًا ومدينة.
قصصًا لا تنتهي أبدًا عن الحرف الذي
أنبت التاريخ في الحديقة.
والكلمة التي جمعت رفاقها في البهو لتضحك ” .