محطة
هاشم شليق
ترتيب ليبيا في إتقان اللغة الإنجليزية وفقا لمؤشر “إي أف” لعام 2024 هو 112 من أصل 116 دولة..هذا التصنيف يضع ليبيا ضمن فئة “ضعيف جداً” في مستوى الإلمام باللغة الإنجليزية..صحيح أن اللغة العربية لغة القرآن الكريم أقوى بكثير من أية لغة أخرى تاريخيا..فلو نظرنا إلى ترجمة الأدب كمثال وهي أصعب أنواع الترجمة نجد أن النص العربي عند نقله يضعف تعبيره نوعا ما وهذا بسبب قصور في اللغة المستقبلة بينما يزداد النص الآخر قوة عند تتم ترجمته باللغة العربية..
ولا ننسى أن لغتنا هي الوحيدة التي تتميز بصيغة المثنى لذا لو أردنا الترجمة الحرفية فذلك متاح ولو نبحث عن ترجمة المعنى فكلمات ربنا لا تنفد..لكن هذا هو حال العصر حيث تتصدر الإنجليزية الإستعمال العالمي تليها الإسبانية ثم الفرنسية..
ويرجع انتشار اللغة الإنجليزية إلى زمن احتلال الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس كما سميت فلو غرب ضوئها في أوروبا تشرق في أمريكا الشمالية تليها في آسيا ولو غربت هناك تشرق في إفريقيا..لكن ذلك انحسر بعد الإستقلال..بينما يتكرر الآذان باللغة العربية على مدار 24 ساعة حول العالم..وذلك بسبب اختلاف التوقيتات الزمنية بين مناطق العالم المختلفة..فبمجرد انتهاء الآذان في منطقة ما يبدأ في منطقة أخرى وهكذا..بمعنى آخر مع دوران الأرض وتعاقب الليل والنهار هناك دائما منطقة على الأرض يكون فيها وقت آذان الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء وهكذا دواليك..
نعلم إننا اليوم نجد 80% من الإصدارات الورقية ومنشورات وسائل التواصل الإجتماعي تكون باللغة الإنجليزية..بالتالي فإن أنجع حل لتعليم اللغة الإنجليزية في ليبيا هي تزويد كل مدرسة بجهاز بروجيكتور لغرض العروض المرئية ضمن الوعاء الزمني الدراسي فاللغة الإنجليزية هي خط دفاع أول عن الوطن والإسلام..
ويحضرني هنا حدث قدوم مبشرين بالمسيحية إلى منطقة تعج بالجاليات العربية في إحدى الدول الأوروبية فتصدى لهم بالحجة والبرهان مسلم يتحدث الإنجليزية بطلاقة..أما مادة النحو العربي التي يعزف الطلاب عن متابعتها فهذا ناتج عن تقليدية الطريقة التي يتم بها شرحه مما يؤدي إلى صعوبة الاستيعاب ويبعث الملل عند المتلقي..
عموما في وقت قريب جدا اخترعت آبل سماعات تترجم عدد من لغات العالم تلقائيا وبدون اتصال بالإنترنت مثل السفر بالطائرات حيث يعمل وضع عدم الإتصال بشكل جيد مع المحادثات البسيطة لكن تكون الدقة أكثر في حالة الإتصال بالإنترنت..وإلى هنا استعنت في الجمل التالية بكاتب مساعد وهو الذكاء الاصطناعي فهو صديق وقت تحديث المعلومات القديمة واثراءها بالجديد فعملة الكتابة المعاصرة بوجهين أحدهما عقل بشري وآخر اصطناعي..
عموما يمكن أن تؤدي مشاكل الترجمة من أي لغة إلى سوء فهم خطير وعدم كفاءة وحتى صراعات في مجالات مثل الدبلوماسية والأعمال التجارية والصحة والتعليم والتكنولوجيا…كما تغفل الترجمة الفروق الثقافية الدقيقة أو التعبيرات الاصطلاحية أو المراجع التاريخية..
كذلك في الإعلانات تمت ترجمة شعار بيبسي “انطلق مع جيل بيبسي” خطأً إلى الصينية على أنه “بيبسي تُعيد أسلافك من القبر”..وفي الولايات المتحدة فُسرت أعراض مرض رجل يتحدث الإسبانية فقط بشكل خاطيء بسبب سوء الترجمة مما أدى إلى دعوى قضائية بقيمة 71 مليون دولار بتهمة سوء الممارسة الطبية..
غالبا ما يكون البحث العلمي الدولي متاحا باللغة الإنجليزية فقط مما يحد من التعاون العالمي..وقد تؤدي الترجمة السيئة في العقود أو الصفقات أو الوثائق القانونية إلى نزاعات أو خسائر مالية..كما يمكن أن تفقد الشركات التي تدخل الأسواق الأجنبية مصداقيتها إذا تُرجمت مواقعها الإلكترونية أو معلومات منتجاتها بشكل سيء..في حين أن أدوات مثل ترجمة جوجل تتطور بإستمرار لكنها لا تزال تواجه صعوبات في التعامل مع اللهجة العامية أو اللغات النادرة..
إضافة إلى أن الترجمة الآلية قد تسبب أخطاء محرجة أو مسيئة عند استخدامها دون إشراف بشري..وغالبا لا يتم دعم لغات الأقليات أو السكان الأصليين أو تُمثل تمثيلا ضعيفا..فتنتج أخطاء الترجمة في الأخبار أو الخطب العامة مما يثير التوترات..حيث أدت الترجمة الخاطئة في وسائل الإعلام إلى تقارير مضللة ونزاعات دولية..وفي مناطق النزاع قد تُؤدي الترجمة السيئة في محادثات السلام إلى إفساد المفاوضات..
وقد يتعين على الحكومات والمنظمات العالمية ترجمة القوانين والسياسات والخدمات إلى لغات متعددة لكن عادة ما تكون الترجمة ناقصة..مثلا تتم ترجمة أعمال الاتحاد الأوروبي إلى 24 لغة رسمية ولكن ليست كل ترجمة بنفس الجودة أو السرعة..غالبا ما تواجه الدول النامية قيودا على الميزانية اللازمة للترجمة السليمة في الخدمات العامة..
كما أن مشاكل الترجمة ليست لغوية فحسب بل هي سياسية وأخلاقية وتكنولوجية وثقافية..مع تزايد ترابط العالم أصبح المترجمون البشريون المحترفون وأدوات الذكاء الإصطناعي المُحسّنة وتعليم اللغات كلها أمور بالغة الأهمية لحل هذه المشكلات..ختاما اللغة الإنجليزية ليست أولوية لكنها ضرورية إلى حين إشعار آخر..