للأسف منذ عقد ونصف تتعرض البلاد وبالأخص بعض المدن للصراعات الأهلية المسلحة .
والتي تسبب في خسائر بشرية ( الوفيات والإصابات الجسدية وفقدان الأطراف والاعاقات ) ، ومادية يفقد فيها الناس احبتهم وبيوتهم وسياراتهم ومصادر ارزاقهم ووظائفهم ، ويلجأ بعضهم للنزوح أو التهجير ، وهذه من الكوارث والأزمات الصعبة والقاسية التي يتعرض لها الإنسان ، وتسبب مشاكل صحية ونفسية واجتماعية واقتصادية مما يترتب عليها اضطرابات نفسية متعددة منها القلق والاكتئاب نتيجة الخوف والهلع من العنف وفقدان الأحبة والأملاك الخاصة ،
وتزداد الاضطرابات النفسية عند الأطفال والنساء وكبار السن ، وتؤدي إلى الإجهاد السام عند بعض الأطفال الذي يؤثر على نمو الدماغ وعلى القدرة على التعلم ، ويؤدي إلى السلوكيات العدوانية ، ويعاني بعض الناس من اضطرابات ما بعد الصدمة ، والخوف المزمن الذي يؤدي إلى اضطرابات النوم والكوابيس والرهاب من أصوات الأسلحة والانفجارات ، وللأسف تنتقل الآثار النفسية عبر الأجيال ،
وتزداد ظاهرة التعاطي للمخدرات والكحول والعنف عند البعض ، وبعضهم يمر بفقدان الثقة في المستقبل وعدم القدرة على التخطيط للحياة ، وتزداد حالات الاكتئاب والانتحار ، وفي الحروب والصراعات الأهلية المسلحة يتحول أحيانآ الجيران لأعداء ،
ويضطر البعض للنزوح وما يترتب عنه من صدمة نفسية لفقدان السكن ومصدر الرزق والوظيفة وفقدان الوثائق الشخصية والأشياء الخاصة ، وما يعانيه النازحين من وصمة اجتماعية ومشاعر الأغتراب ،
وما تسببه من ضربة قاسية للكرامة الإنسانية والهوية الاجتماعية ، وفي بعض الأحيان يتحول النزوح المؤقت إلى تشرد دائم ، وتتفكك الروابط الاجتماعية وتزداد معدلات الطلاق ،
وإن الحروب والصراعات الأهلية تدمر البنى التحتية كالمدارس والمستشفيات والجامعات والكهرباء والمياه ويزداد أنتشار الأمراض والوفيات مع غياب الخدمات الصحية ونقص الأدوية ، والدمار الذي يطال المحال والأسواق والمصانع والمزارع يؤدي إلى انهيار اقتصادي والبطالة وفقدان الدخول الذي ينعكس على الكرامة الإنسانية ، وزيادة عمالة الأطفال والتسرب من التعليم ، وتنشط الأعمال الغير قانونية مثل التهريب وتجارة المخدرات والمشروبات الكحولية وتجارة البشر وتجارة الأعضاء ،
والاستيلاء المسلح على مساكن ومزارع وأراضي الغير ، واستغلال الفئات الضعيفة كالفقراء والأرامل والمطلقات والأطفال والمهاجرين ،
ولهذا يجب تجنب الصراعات والحروب والعنف واللجوء للحلول السلمية في النزاعات بين أبناء الشعب الواحد ، وتجنب كل أنواع النزاعات المسلحة في المدن وبين المدنيين الأبرياء ، وضرورة حماية الناس والممتلكات العامة والخاصة ، وتأمين المدارس والمستشفيات والبنى التحتية التي تؤمن الحياة للناس ،
وعلى جهات الاختصاص تأمين العيادات النفسية وجلسات العلاج السلوكي المعرفي ، ومراكز علاج الإدمان والمشورة والدعم النفسي ، وتكثيف برامج الدعم النفسي وتعزيز التماسك المجتمعي والمصالحة ، والتعويض العاجل والمنصف للمتضررين ، وزيادة شبكات الحماية الاجتماعية وتحقيق العدالة والمساواة ، وإعاده النظر في التشريعات والقوانين والسياسات التي تعزز حق المواطنة ، والرعاية الصحية والتعليم والامن وصون الكرامة الإنسانية .
الحروب والصراعات الأهلية المسلحة تدمر الحجر وتقتل البشر وتهشم الروح الإنسانية وتفكك المجتمع .
كم نحن في حاجة إلى الوعي والحكمة والعقل صفات أهل الحل والعقد ..
نسأل الله السلامة والاستقرار والأمن والأمان والرخاء والازدهار
د.علي المبروك أبوقرين