في خطوة تعكس تسارع وتيرة الجهود الدبلوماسية الدولية والإقليمية حول الأزمة الليبية، التقت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، هانا تيتيه، الثلاثاء، بوزير العلاقات الخارجية الأنغولي، تيت أنطونيو، الذي يتولى رئاسة المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي، و يأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة مشاورات مكثفة تسبق اجتماعاً مرتقباً لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بشأن ليبيا.
محاور اللقاء وتحديات المرحلة
تركزت المباحثات بين تيتيه وأنطونيو على الأوضاع السياسية والأمنية المتشابكة في ليبيا، بالإضافة إلى تداعياتها الإقليمية التي تمتد لتؤثر بشكل مباشر على منطقة الساحل الأفريقي. وتُعد هذه التداعيات من أبرز المخاوف الدولية، حيث تشير تقارير وتحليلات متعددة إلى أن الفراغ الأمني وعدم الاستقرار في ليبيا قد سمح بتمدد الجماعات الإرهابية وتهريب الأسلحة والمخدرات عبر الحدود الليبية المترامية، مما يغذي الصراعات ويزيد من تعقيد المشهد الأمني في دول الساحل مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
كما تناول اللقاء قضايا حساسة ومفصلية في المسار الليبي، كملف المصالحة الوطنية الذي يُعتبر حجر الزاوية لتحقيق سلام مستدام، وقضية الهجرة غير النظامية التي تشكل تحديًا إنسانيًا وأمنيًا كبيرًا لليبيا ودول المنطقة وأوروبا على حد سواء.
دعوات لتنسيق دولي موحد
أكد الطرفان خلال اللقاء على الضرورة الملحة لاعتماد الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي استجابة موحدة وفي الوقت المناسب لدعم العملية السياسية في البلاد.
هذه الدعوة تأتي في ظل تعقيدات المشهد الليبي الذي شهد مؤخراً اجتماعات دولية مثل اجتماع لجنة المتابعة الدولية بشأن ليبيا الذي عُقد في برلين الشهر الماضي (20 يونيو 2025)، وهذا الاجتماع، الذي ضم ممثلين عن القوى الدولية والإقليمية، شدد على أهمية تجديد التنسيق الدولي لدعم العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة، والامتناع عن الإجراءات الأحادية التي قد تعمق الانقسامات.
وشددت تيتيه وأنطونيو على أهمية التعاون الوثيق بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لدفع العملية السياسية التي تقودها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL). يُعتبر هذا التعاون بالغ الأهمية لترسيخ السلام، وتعزيز الأمن، وتحقيق الاستقرار في البلاد، خصوصًا في ظل التحذيرات المستمرة من أي اندلاع جديد للصراع والعنف.
السياق الأوسع و دور الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي
لطالما أكد الاتحاد الأفريقي على دور محوري في حل الأزمة الليبية، انطلاقًا من مبدأ أن الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية هي الأكثر استدامة.
وتشير التحركات الأخيرة لمجلس السلم والأمن الأفريقي، بما في ذلك القمة المرتقبة لرؤساء الدول والحكومات الأفريقية، إلى سعي القارة إلى تفعيل دورها بشكل أكبر في مواجهة التحديات الليبية.
وفي الوقت الذي تسعى فيه ليبيا للخروج من عقد ونيف من عدم الاستقرار السياسي والأمني، يبقى التنسيق الدولي والإقليمي الفعال، والتزام الأطراف الليبية بمسار سياسي شامل، عوامل حاسمة لتحقيق انتقال سلمي نحو دولة مستقرة وموحدة.
السؤال المطروح الآن هو، هل ستنجح هذه الجهود الدبلوماسية في تجاوز العقبات المعقدة وتقديم خارطة طريق عملية ومقبولة للجميع؟