الصباح الاجتماعي
مثّل كتابا الباحث والمفكر العراقي الراحل علي الوردي (لمحات اجتماعية في تاريخ العراق الحديث) و(دراسة في طبيعة المجتمع العراقي) منحى جديداً في الدراسات التي عنيت بتاريخ المنطقة، اعتمد على المنظور الاجتماعي وسيلة لفهم الأحداث التاريخية والعكس صحيح.
ورغم أن الكتابين يتجهان في طريق معاكس لبعضهما، إلا أنهما يتفقان على الربط بين التاريخ والأوضاع الاجتماعية، بحيث يسير السرد التاريخي على طول الطريق مشبكاً يده بيد التحليل الاجتماعي.ويرى قارئهما أسلوباً يختلف على ما اعتاده في كتب التاريخ التقليدية، حيث تكرّس السرديات التاريخية لوضع أسس يبنى عليها التحليل الاجتماعي، بغية الوصول إلى نتائج تفسر ما يقدم عليه المجتمع ككل من أفعال قد تبدو للمراقب المحايد – وربما غير المحايد – سخيفة أو لا منطقية، أما الاستقراء التاريخي فيحل في المرتبة الثانية.
ومثل ذلك، سيساعد الفهم لما جرى في سابق الأزمان على إدراك مكونات العقل الجمعي لمجتمع ما، إذ أن الموروث الثقافي والاجتماعي لم يتكون دفعة واحدة بل مرّ على مراحل ساهمت الظروف اللحظية حينها في صناعته على مكث.
وفي بلادنا التي تمر بمخاضات متعددة مزجت في واحد لم تظهر نتائجه بعد، إلا أن جزماً يبديه الجماع حيال تغييرات قادمة لا محالة ستظهر على كافة النواحي، لاسيما الاجتماعية منها، بات مهماً إعادة دراسة تاريخنا وكتابته بذات الطريقة، لأن دراسة التاريخ كأقصوصات غير مترابطة لن يكون ذا نفع كبير، إضافة لما سيقدمه الفهم التاريخي للتطور الاجتماعي من خدمة كبيرة للباحثين والمفكرين الراغبين في وضع تفاسير وحلول لما نمرّ به من أزمات اجتماعية حادة.
والأمر على أهميته يحف بمخاطر جسيمة، فأغلب منازعاتنا إما اجتماعية أو ذات أساس اجتماعي، وهي تمثل قضايا حساسة جداً، يجب مراعاة تأثيراتها على المجتمع أثناء التصدي لها بالدراسة .. ولأجل ذلك استنجد (الصباح الاجتماعي) بالمختصين من المؤرخين وخبراء الاجتماع لسؤالهم : هل حان الوقت لكتابة تاريخنا من منظور اجتماعي ؟ وما هي العقبات والمخاطر التي تهدد هذا المشروع ؟
الأستاذ عمر البراني – أخصائي علم اجتماع : –
شكلت الازمات المتتالية في بلادنا فجوات كبيرة في كتابة التاريخ كما يجب من جوانبه الاجتماعية التي تعمل على تأسيس نظرة عامة وقراءات مجتمعية تبنى عليها دراسات مستوفية في الجوانب الاخرى كما تشكل مؤشرات في نظمنا العامة وقاعدة معلوماتية نستطيع من خلالها التعرف على العديد من الأمور ووضع الحلول الاجتماعية للعديد من المشاكل والصعوبات التي تواجه المجتمع ، لهذا من المفترض ان تقوم المراكز المختصة مثل مركز الدراسات الاجتماعية وغيرها من المؤسسات التي تعمل في الجانب الاجتماعي بالدراسات والأبحاث وتبني مشروعات الأبحاث الاجتماعية التي من شأنها ان تتحول إلى خطط وبرامج يستفاد منها مستقبلا .
الأستاذعلى ضوء – باحث اجتماعي
السؤال الذي يفترض طرحه هو : لماذا لايوجد مشروع لإعادة كتابة تاريخنا من منظور اجتماعي لتوخي المخاطر والظواهر الاجتماعية البتي تفتك بمجتمعنا ؟ ، نحن نعاني من دخول العديد من الظواهر السلبية على مجتمعنا والتي افتكت ببعض شبابنا بكل أسف ولاحظنا نتائجها على ارض الواقع كالممارسات التي نراها على ( السوشل ميديا ) وغياب الوعي والابتعاد عن البحث عن المعارف وغياب دور الأهل في تولي المسؤولية الكاملة في عملية تصحيح الأخطاء واتباع أصول التربية والتنشئة الاجتماعية الجيدة وغيرها من الأمور التي هجرت المجتمع وحل محلها الفوضى الاجتماعية والعبث وعدم المسؤولية ، هنا لابد من إعادة النظر في كتابة التاريخ الاجتماعي الذي يؤصل المعرفة الصحيحة والقيم الاخلاقية التي تحمي أبنائنا من الخطر ، وحقيقة هذا الموضوع يحتاج منا الكثير من الوقت للتحدث عنه باستفاضة ونعطيه حقه في تناول كل جوانبه .