جمعة بوكليب
زايد…ناقص
العنوانُ أعلاه جزءٌ من مَثلٍ شعبي يقول” اتكاكي في حُوشنا، وإدّحي في حُوش الجيران.” والمقصود وأضح. وهو أن خير دجاجتنا من البيض يذهب لغيرنا، ولا يصيبنا، نحن أصحاب الحُوش، منها سوى الصداع من كثرة ” التكاكي.” علماً بأننا نتكفل لها بضمان المأكل والمشرب والمبيت والأمن والأمان.
هناك مَثلٌ آخر يختلفُ قليلاً، يتمحور حول “نخلة الحوش” التي تعودنا أن تلقي بتمرها خارجه:” نخلة الحوش إتطيّح بَرّه.” الإختلاف في الحالتين، هو أن النخلة تفعل ما تفعل في صمت، بعكس الدجاجة التي لا تكفُّ عن “التكاكي.” بمعنى أن خسارة أهل الحوش في الحالتين مضمونة، إلا أنّها أهون في حالة النخلة.
المقصود بالمثلين يتعدى الحالتين الواقعيتين، ويتمدد خارجهما إلى عوالم أخرى ليس صعباً معرفتها. وخاصة حين يطول الاستخدام ويشمل عوالم السياسة. وفي الحالة الليبية، يبدو النظام العسكري السابق أفضل مثال لها. فنحن طيلة أربعين وأزيد من السنين، تحمّلنا صداع “التكاكي” نهاراً وليلاً. وكنّا، منذ أن نفتح عيوننا صباحاً إلى أن نأوي إلى أسرّتنا ليلاً، نسمع نشازه عالياً، في كل القضايا والمواضيع، لكننا لم نتذوق من البيض إلاّ قليله، وكان أكثره يذهب، عيني عينك، إلى حياش الجيران وجيران الجيران وجيرانهم. وكنّا نرى ونسمع ما يحدث. لكننا بسبب الخوف مما قد نلاقي من مشقة وعذاب، التجأنا طائعين إلى الصبر. وكانت النتيجة أن” تبكّشنا.”
وأدى ذلك إلى تمادي الظالم في ظلمه وفي غيّه، لعلمه أن الخوف مما قد يصينا من شروره قد شلّ تفكيرنا، وأضعف إرادتنا، وأوهنَ نفوسنا. وكلما زاد النظام في ” التكاكي” ارتفع عدد كميات البيض التي تذهب إلى حياش الجيران.
ويبدو أن القصة لم تتوقف عند ذلك الحد. والدليل على ذلك، أنه رغم تغيّير الدجاجة بأخرى، تواصلت الحكاية، لأنه حتى الدجاجة الجديدة سارت على نسق منهج السابقة. أي أنّها ” تكاكي في حُوشنا، وإدّحي في حوش الجيران.”