تراث …
كل شعب تراث يعتز به ويحافظ عليه ويُعد سمة من سمات وجوده المتعمق والمتجذر في أعماق التاريخ الإنساني، وهنا في ليبيا يعد المألوف والموشحات الأندلسية فن ليبي أصيل، وجزء من التراث الليبي العريق، حيث يعود تاريخه في ليبيا إلى القرن الثاني عشر ميلادي، فأصله من لفظة (المألوف)، ما ألفه الناس، وهذا ما حظي به فن «المألوف» في ليبيا، عبر عن أحاسيسهم ومشاعرهم، بالرغم من أن هذا الغناء بات ينحو تجاه الأناشيد التي يغلب عليها طابع المدح في الرسول الكريم عليه أطيب الصلاة والسلام.
كتب/ فرج غيث …
تتمة ……
يعد عريبي أحد رواد الموسيقى والغناء في ليبيا والعالم العربي والإسلامي، وقد اشتهر بفرقته الخاصة بفن المألوف والموشحات الأندلسية، لم يقتصر فنه على المألوف والموشحات إنما تخطاه للإنشاد الديني.
كذلك ساهم في تأسيس المجمع العربي للموسيقى وتولى رئاسته دورتين في أوائل سبعينيات القرن الماضي، كما ترأس أيضا المؤتمر العالمي للموسيقى بطشقند وشارك في الكثير من المحافل الموسيقية العالمية التي ترك فيها بصمة إبداعية واضحة.
ولم تقتصر ألحان الفنان الراحل على المشهد الموسيقي الليبي بل شملت الساحة الفنية العربية، فقدم ألحانا لفنانين عرب من تونس ومصر ولبنان بينهم سعاد محمد وهدى سلطان من مصر ونازك من لبنان ونعمة وعليا وسلاف وزهيرة سالم من تونس، وقدم عريبي ألحانه الجميلة لمطربين آخرين صاروا نجوما في سماء الأغنية الليبية منهم عطية محسن وإبراهيم حفظي وسيد بومدين.
تقول الدكتورة رتيبة الحفني عميدة معهد الموسيقى العربية بالقاهرة: أن فرقة المألوف والموشحات التي أسسها حسن عريبي معهد موسيقي متميز.
أما الروائي الليبي د. أحمد إبراهيم الفقيه الذي كان حاضرا بنصوصه التي تشيد بفن المألوف وبالفنان حسن عريبي، فقال: حسن عريبي قام بتحقيق فن المألوف والموشحات، الذي تبناه ورعاه وبذل حياته للوفاء بهذه الرسالة، ورسالته تمثلت في أن تكون للفن الليبي شخصيته وأن تكون لنا هوية، رسالته أن يبقي على التراث ليس في الزوايا والكتاتيب فحسب، إنما بتوثيقه وتسجيله.
الكاتب الليبي المعروف الراحل خليفة التليسي صاحب الموسوعات الشعرية أشار إلى أن عريبي يعد من عمالقة الفن في الوطن العربي، وقد وضع اسم ليبيا وللمرة الأولى على خارطة التراث الموسيقي والعربي والإسلامي وقدم صورة لم تكن معروفة عن ليبيا في السابق.
تم تكريمه في عدة محافل محلية ودولية، ونال كثيرًا من الأوسمة وشهادات التقدير، وكان أول نقيب للفنانين على مستوى ليبيا بعيد إنشائها العام 1974م، كما اُختِير رئيسًا للمجمع العربي للموسيقى في الجامعة العربية، الذي ضمّ كبار الموسيقيين في العالم العربي وذلك لجهوده، وترأس لفترة مؤتمر الموسيقى العربية الذي يُعقد دوريًّا جامعًا كبار موسيقيي العالم العربي، واُختِير رئيسًا لمهرجان الأغنية الليبية في دورته الثانية في مدينة طرابلس خلال العام 2003م.
وبعد وفاة الموسيقار رياض السنباطي تم تكليفه من قبل جامعة الدول العربية على ترأس لجنة لتوثيق أعمال السنباطي الكاملة وحفظها.
له كثيرٌ من القصائد، من أشهرها وأبرزها تلك التي أنشدها بطريقة المألوف والموشحات الأندلسية: (قصيدة المنفرجة) و(قصيدة طابت أوقاتي) و(قصيدة الذهب يزداد حسنًا إذا انتقش)، كما تغنى بنوبات مألوف (نعس الحبيب) و(جمر الهوى) و(ياما خلقت الورى من ظلم العدم) و(دمعي جرى عن صحن خدي كالجمر) و(شوقي دعاني).
) قصيدة الوصايا (و(قصيدة نعس الحبيب( و(قصيدة ناح الحمام).
قصيدة المنفرجة التي ألفها الشاعر الأندلسي يوسف محمد بن ميمون التلمساني، المعروف بابن النحوي التوزري نسبة إلى توزر مسقط رأسه في الجنوب التونسي، تعتبر من القصائد السياسية التي تدعو الناس إلى عدم اليأس والإيمان بالأمل في التغيير.
غناها مع بداية أزمة لوكربي، وقال حسن عريبي: ما قرأها قارئ وهو في ضائقة إلا وفرج الله عنه. ويقول مطلعها: اشتدي أزمة تنفرجي ** قد آذن صبحك بالبلج.
فرقة حسن عريبي للمألوف والموشحات والألحان العربية، أسسها الفنان الراحل حسن عريبي العام 1964، تحت اسم فرقة الإذاعة للمألوف والموشحات، وسميت لاحقاً فرقة المألوف والموشحات والألحان العربية، شاركت في العديد من المهرجانات المحلية والدولية منها مهرجان تستور الدولي للمألوف والموسيقى التقليدية بتونس 1967م ذ 2012م، مهرجانات الموسيقى العربية بدار الأوبرا المصرية بالقاهرة 1991م ذ 1995م ذ 1998م ذ 2003م، ومهرجان القرين الثقافي بالكويت 2002م، ومهرجان الموسيقى الأندلسية والموسيقى .
العتيقة بولاية تبازة بلدية القليعة بالجزائر 2010م، ومهرجان طرابلس للمألوف والموشحات بطرابلس 2003م ذ 2009م.
ومنذ تأسيسها ضمت الفرقة العديد من الفنانين الليبيين والعازفين على المستوى المحلي والعربي أمثال، الفنان عبداللطيف حويل، الفنان محمد السيليني، الفنان خالد سعيد، وعازف الكمان الشهير أحمد الحفناوي والمايسترو عطية شرارة من مصر.
سجلت الفرقة في لبنان العام 1966م مجموعة من المقطوعات الموسيقية المبنية على ألحان ليبية شعبية قديمة تحت اسم سلسلة ليالي ليبيا، كما سجلتها مجموعة أغاني بقيادة عازف الكمان الشهير عبود عبدالعال.
وقبل وفاة الفنان الراحل حسن عريبي، رشح ابنه الفنان يوسف عريبي خلفاً له لقيادة الفرقة العام 2008م، وبعد وفاته العام 2009م قام ابنه بتغيير
اسم الفرقة ليحمل اسم مؤسسها وأصبحت (فرقة حسن عريبي للمألوف والموشحات والألحان العربية).
توفي حسن عريبي رحمه الله وغفر له في 18 أبريل 2009م إثر أزمة قلبية أثناء قيادته سيارته أمام نادي الاتحاد الرياضي في مدينة طرابلس.، فيما شُيِّع جثمانه في جنازة مهيبة رسمية في اليوم الثاني لوفاته، حضرها عدد من الفنانين ومسؤولي الثقافة في البلاد.