أحلام محمد الكميشي
سرت على صفحات التواصل الاجتماعي دعوات لمقاطعة الدجاج والبيض، وانضم لها كثيرون من روادها وأخذ بعضهم في التنفيذ فعلا، دون أن تعلن جهة ما قيادة الحملة ومتابعة تأثيرها يوميًا في الأسواق وتسجيل الملاحظات وتحليلها ونشر النتائج دوريًا لمؤيدي الحملة وبحث إيجابياتها وسلبياتها.
وتزخر صفحات فيسبوك بأخبار المقاطعة التي أوصلت البيض لسعر2 دينار وكيلو الدجاج لسعر 7 دينار فالكلام لا ضريبة عليه، داعيةً للاستمرار في المقاطعة مع أن عطلة المدارس صارت قاب قوسين أو أدني ما يعني أن استهلاك البيض سينخفض وكثير من العائلات ستكون على سفر للسياحة والعلاج، والصيف على الأبواب وتخزين البيض ليس كما في الشتاء وسيباع بأسعار أقل وحتى في سيارات تقف على حافة الطريق عارضة حمولتها من البيض تحت الشمس وأمام عيون وزارة الاقتصاد والتجارة وجمعية حماية المستهلك وغيرهما، وشهر رمضان الذي يرتفع فيه استهلاك البيض في عديد أطباق مائدة الإفطار قد انتهى وبعد نحو شهر سيحل عيد الأضحى المبارك وبطبيعة الحال سيتوجه المواطن الليبي صوب اللحوم تاركًا الدجاج والبيض حتى حين.
لكن تبرز عديد الأسئلة دونما إجابة، حتى عند كبار دعاة المقاطعة، فلا أحد يعلم المشرف على الحملة، ولا أحد يعرف من الذي يقرر ان سعر الدجاج نزل كي يسمح للجماهير بالتوقف عن المقاطعة، ولا أحد يعرف ما هو السعر الذي لو وصل له الدجاج والبيض تتوقف عنده المقاطعة؟ ولا أحد يعرف من الذي يزور الأسواق يوميا للوقوف على الأسعار واجراء الدراسات لمعرفة مدى تأثير المقاطعة على التجار والناس والعادات الغذائية وخيارات المستهلك الشرائية؟ ولماذا لا يتم اعلان هذه الزيارات ونتائجها ان وجدت؟ ولا أحد من المقاطعين حدد السعر الذي ينوي أن يتوقف عنده كي ينهي مقاطعته ويعود لاستهلاك الدجاج والبيض، ولا أحد تساءل لماذا البيض والدجاج وليس اللحوم والأسماك والحليب والأجبان مثلا؟
وبالرغم من أن المقاطعة تعني افتراضيًا تكدس السلع في السوق إلا أن طلبات فتح الاعتمادات المستندية بالعملة الصعبة مازالت مستمرة ولأسماء أشخاص وشركات بعينها حيث نشر مصرف ليبيا المركزي تفاصيل طلبات فتح الاعتمادات المستندية التي تم تنفيذها خلال الفترة من 2024.03.28م إلى 2024.04.25م، وتبين فيها أن الاعتمادات المستندية المخصصة للبيض المخصب بلغت قيمتها (3,614,314.00) دولار أمريكي، فيما تم تخصيص (20,508,302.00) دولار أمريكي للدجاج المجمد.
فهل بعد انتهاء المقاطعة وخسارة التجار والمربين فيما تقف الدولة متفرجة سنتوقف عن استيراد الدجاج والبيض وتتوجه الدولة بقوة لتشجيع الناتج المحلي لتحقيق الاكتفاء الذاتي ثم التصدير لجلب العملة الصعبة وتحرير الاقتصاد الوطني أم سيستمر المصرف المركزي في تدوير سوق الاعتمادات الاستهلاكية لنفس الاشخاص مجددا؟
وهل ستهتم أجهزة الأمن على اختلاف مسمياتها بمعرفة من يقود الرأي العام الليبي بواسطة صفحات فيسبوك وأخواتها ويقوم بإشغال الليبيين بأمور هامشية عن أمور مصيرية أهم؟