منصة الصباح

أنا ….. آسف لأنني غرقت !

 

تعتبر ليبيا من ضمن الدول التي تحتل المركز الأول في تصدير المهاجرين غير الشرعيين من جنسيات مختلفة ، حيث تعتبر أكبر مركز للعبور غير المشروع تجاه أوروبا .

يغامر الشباب بدفع كل ما يملكونه مقابل مكان ضيق في مراكب الموت، تاركين خلفهم بيوتهم وذويهم ووثائقهم وجوازات سفرهم حتى لا يتم ترحيلهم إلى بلدانهم في حال تمكنوا من الوصول أحياء إلى شواطئ أوروبا .

يحرقون كل سفنهم غير آبهين بالموت، يبحرون ولا ينظرون خلفهم، ليس هناك مجال للرجوع للخلف، ولا حتى النظر إليه ولو خلسه!.

بعض الشباب يهرب من البطالة والموت وأصوات الرصاص، يهرب من ارتفاع المهور وعجزهم عن الزواج ، يبحثون عن الحياة في أوروبا التي تتوفر فيها أساسيات الحياة من كهرباء ومياه وقوانين تحميهم وتحمي حقوق الإنسانية التى لا نعلم عنها شيئا في بلداننا العربية، الشباب يبحثون عن العمل والزواج دون أن يضطر أحدهم أن يستدين أو يطالب بذهب وبيت وسيارة ومهر بآلاف الجنيهات !

ولكن ما المقابل لكل هذا ؟ المقابل هو المغامرة، التى يقوم بها الشباب للوصول إلى أهدافهم.. الثمن الذي قد يدفعونه لتحقيق هذه الأحلام البسيطة المشروعة هو حياتهم !.

مات شبابنا غرقا ويموتون كل يوم من أجل أن يحققوا حلم الهجرة، بحثا عن الحياة والهدوء والسلام !

وهذه رسالة شاب سوري وجدت بعد أن غرق في البحر قبل أن يحقق حلمه في الوصول إلى أوروبا هذا محتواها، اتمنى أن يقرأها شبابنا بتمعن !

كتب يقول :  (أنا آسف يا أمي لأن السفينة غرقت بنا ولم أستطع الوصول إلى هناك، كما لن أتمكن من إرسال المبالغ التي استدنتها لكي أدفع أجر الرحلة .

لاتحزني يا أمي إن لم يجدوا جثتي، فماذا ستفيدك الآن إلا تكاليف نقل وشحن ودفن وعزاء .

أنا آسف يا أمي لأن الحرب حلّت، وكان لا بد لي أن أسافر كغيري من البشر، مع العلم أن أحلامي لم تكن كبيرة كالآخرين، كما تعلمين كل أحلامي كانت بحجم علبة دواء للكولون لك ، وثمن تصليح أسنانك .

بالمناسبة لون أسناني الآن أخضر بسبب الطحالب العالقة فيه، ومع ذلك هي أجمل من أسنان الديكتاتور .

أنا آسف يا حبيبتي لأنني بنيت لك بيتا من الوهم ، كوخا خشبيا جميلا كما كنا نشاهده في الأفلام ، كوخا فقيرا بعيدا عن البراميل المتفجرة وبعيدا عن الطائفية والانتماءات العرقية وشائعات الجيران عنا .

أنا آسف يا أخي لأنني لن أستطيع إرسال الخمسين يورو التي وعدتك بإرسالها لك شهريا لترفه عن نفسك قبل التخرج .

أنا آسف يا أختي لأنني لن أرسل لك الهاتف الحديث الذي يحوي “الواي فاي” أسوة بصديقتك ميسورة الحال .

أنا آسف يا منزلي الجميل لأنني لن أعلق معطفي خلف الباب .

أنا آسف أيها الغواصون والباحثون عن المفقودين، فأنا لا أعرف اسم البحر الذي غرقت فيه .

اطمئني يا دائرة اللجوء فأنا لن أكون حملا ثقيلا عليك .

شكرا لك أيها البحر الذي استقبلتنا بدون فيزا ولا جواز سفر، شكرا للأسماك التي ستتقاسم لحمي ولن تسألني عن ديني ولا انتمائي السياسي .

شكرا لقنوات الأخبار التي ستتناقل خبر موتنا لمدة خمس دقائق كل ساعة لمدة يومين .شكرا لكم لأنكم ستحزنون علينا عندما ستسمعون الخبر، أنا آسف لأني غرقت).

نحن ايضا نأسف علي انتشار الخراب والدمار والموت المجاني ، نأسف لما يحدث في بلادنا وكل بلاد المسلمين .

ايناس اليوسف

شاهد أيضاً

ليبيا تستضيف بطولة كرة السلة الأفريقية

تستضيف ليبيا خلال الفترة من 12 إلى 16 يونيو 2024 بطولة كرة السلة الأفريقية دون …