منصة الصباح

أما‭ ‬آن‭ ‬للفلسطينيين ‭ ‬أن‭ ‬يتحدوا؟

بقلم/علي مرعي

من‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ومنذ‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬قد‭ ‬شهدت‭ ‬تراجعا‭ ‬واضحا‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬بسبب‭ ‬الظروف‭ ‬والأحداث‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬،‭ ‬وكان‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬المؤامرة‭ ‬على‭ ‬قضية‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البدعة‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬صفقة‭ ‬القرن‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬نجم‭ ‬عنها‭ ‬الاعتراف‭ ‬الأمريكي‭ ‬بالقدس‭ ‬عاصمة‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الغاصب‭ ‬وأيضا‭ ‬السيادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬الجولان‭ ‬المحتل،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تضييق‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الخناق‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬لوقف‭ ‬مساعداتها‭ ‬للفلسطينيين‭ .‬وأمام‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬المتردي‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬السياسي‭ ‬أو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أو‭ ‬الأمني‭ ‬قد‭ ‬أثر‭ ‬تأثيرا‭ ‬مباشرا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الفصائل‭ ‬الفلسطينية‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬حركات‭ ‬المقاومة‭ ‬،‭ ‬فالاعتداءات‭ ‬الصهيونية‭ ‬المتكررة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وفتور‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬وتقليص‭ ‬دعمه‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يستدعي‭ ‬من‭ ‬الفصائل‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬اللحمة‭ ‬الوطنية‭ ‬وتوحيد‭ ‬الكلمة‭ ‬بدل‭ ‬هذا‭ ‬الانقسام‭ ‬الحاصل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ .      ‬إن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬ظروفا‭ ‬قاسية‭ ‬في‭ ‬معيشته‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المخيمات‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الشتات‭ ‬يتطلب‭ ‬من‭ ‬الجميع‭ ‬وقفة‭ ‬جادة‭ ‬وخصوصا‭ ‬إلى‭ ‬جهة‭ ‬ضخ‭ ‬دماء‭ ‬قيادية‭ ‬شابة‭ ‬جديدة‭ ‬تستلم‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬فيها‭ ‬أي‭ ‬تجديد‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬14‭ ‬عاما‭ ‬قرابة‭ ‬للانطلاق‭ ‬نحو‭ ‬العمل‭ ‬الجاد‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬العمل‭ ‬النضالي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وكذلك‭ ‬بناء‭ ‬وتطوير‭ ‬المؤسسات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المتهالكة‭. ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬ننسى‭ ‬العقلية‭ ‬الصهيونية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬القتل‭ ‬والتهجير‭ ‬والتي‭ ‬تسعى‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬لعمليات‭ ‬‮«‬الترانسفير‮»‬‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬القدس‭ ‬لتفريغها‭ ‬من‭ ‬فلسطينيي‭ ‬العام‭ ‬1948‭ ‬وإحلال‭ ‬مكانهم‭ ‬أعدادا‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬الذين‭ ‬سيتم‭ ‬جلبهم‭ ‬من‭ ‬بقاع‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬،‭ ‬ولتفويت‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة‭ ‬على‭ ‬الصهاينة‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أولا‭ ‬أن‭ ‬يعززوا‭ ‬من‭ ‬صمودهم‭ ‬وصفوفهم‭ ‬ونضالهم‭ ‬ومعرفة‭ ‬حقيقة‭ ‬المخططات‭ ‬الصهيونية‭ ‬،‭ ‬وثانيا‭ ‬سرعة‭ ‬إنهاء‭ ‬انقسامهم‭ ‬والذهاب‭ ‬إلى‭ ‬رؤية‭ ‬استراتيجية‭ ‬موحدة‭ ‬،‭ ‬وثالثا‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬كل‭ ‬مقومات‭ ‬البقاء‭ ‬اقتصاديا‭ ‬واجتماعيا‭ ‬للحيلولة‭ ‬دون‭ ‬ترك‭ ‬أراضيهم‭ ‬للمحتل‭    ‬لتستغل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المستوطنات‭ . ‬إن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أمام‭ ‬تحد‭ ‬خطير‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مرحلة‭ ‬رديئة‭ ‬يعيشها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الانقسام،‭ ‬وأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الاتجاهات‭ ‬لفرض‭ ‬مشروعها‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬باعتبارهم‭ ‬أصحاب‭ ‬الحق‭ ‬التاريخي‭ ‬فبدل‭ ‬أن‭ ‬يواجهوا‭ ‬الصهاينة‭ ‬،‭ ‬يعملون‭ ‬ضد‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬المواقف‭ ‬الدولية‭ ‬الضعيفة‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وانحيازها‭ ‬المتطرف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬انعدم‭ ‬معه‭ ‬التأثير‭ ‬الدولي،‭ ‬وعجزه‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬حبراً‭ ‬على‭ ‬ورق،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬شجع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬ارتكاب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المجازر‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وخصوصا‭ ‬عملياته‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ .‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ومنذ‭ ‬زمن‭ ‬طويل‭ ‬يسعى‭ ‬حثيثا‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬هيمنة‭ ‬ديموغرافية‭ ‬يهودية‭ ‬مطلقة‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬القدس‭ ‬واعتبارها‭ ‬عاصمة‭ ‬أبدية‭ ‬لكيانه،‭ ‬وبالتالي‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بكل‭ ‬مكوناتهم‭ ‬ضرورة‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬المخاطر‭ ‬والمخططات‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬طمس‭ ‬التاريخ‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وأحقيته‭ ‬في‭ ‬وطنه‭ ‬فلسطين‭ . ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نعترف‭ ‬صراحة‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬الموجبة‭ ‬للصلف‭ ‬الصهيوني‭ ‬هو‭ ‬الانقسام‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬أضر‭ ‬كثيرا‭ ‬بالمشروع‭ ‬الوطني‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬تمزيق‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬بذل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬الدؤوب،‭ ‬وتكثيف‭ ‬الجهود‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استعادة‭ ‬الوحدة‭ ‬والتضامن‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لمواجهة‭ ‬المخططات‭ ‬والمشاريع‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1948‭ ‬والتي‭ ‬تهدد‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬برمتها‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يتبعها‭ ‬من‭ ‬تشريد‭ ‬وتهجير‭ ‬لما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬الفلسطيني‭ .‬لقد‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬اليوم‭ ‬بأن‭ ‬يلتفت‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬وخصوصا‭ ‬الساسة‭ ‬والمثقفون‭ ‬وقادة‭ ‬الحركات‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬المواقف‭ ‬ونبذ‭ ‬الخلافات‭ ‬والبدء‭ ‬في‭ ‬الحوارات‭ ‬واللقاءات‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الانقسام‭ ‬وفتح‭ ‬الجدار‭ ‬المغلق‭ ‬بينهم‭ ‬لاستعادة‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬ينزف‭ ‬ويتألم‭ ‬جراء‭ ‬الممارسات‭ ‬الصهيونية‭ ‬العنصرية‭ ‬عليه‭ .‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬العصيبة‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مصالحة‭ ‬وطنية‭ ‬جامعة‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬فئاته‭ ‬استعدادا‭ ‬لمواجهة‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬آت‭ ‬وتحديا‭ ‬للمشاريع‭ ‬التي‭ ‬تحاك‭ ‬لإنهاء‭ ‬قضيته‭ ‬العادلة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬زيادة‭ ‬تكريس‭ ‬وجود‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني الغاصب‭ .‬

 

شاهد أيضاً

زيادة الوزن وطريق الموت

مع شاهي العصر: توجد دولة في جنوب أمريكا اسمها بوليڤيا بها شارع يعد أخطر شارع …