منصة الصباح

أمازونات الزراعة: ليبيات يعدن إلى الأرض

تقرير / ريما الفلاني – الصباح

لم يخطر على بالي وانا اتجول في أروقة  “  المعرض الزراعي لتنمية المرأة الريفية في سبها  “ أن التقي نساءً من الجنوب الليبي يعملن في مجالات الزراعة وتربية المواشي والاسماك , المهن التي طالما كانت حكرا على الرجال وتتطلب قوة بدنية وصبرا كبيرا.

ما شاهدته جعلني أتذكر الأمازونات الليبيات هذا الاسم الذي أطلقه اليونانيون القدماء على نساء ليبيا المحاربات اللاتي وصفهن التاريخ بالفرادة يتصفن بالشجاعة والقوة والصبر والجلد.

 ثورة دون ضجيج

لطالما ارتبط مصطلح ” الامازونات ” على سيدات المجتمع والصالونات والمحافل الرسمية ، لكن اليوم أمازونات ليبيا هن المزارعات الجنوبيات، يثبتن للعالم أجمع أنهن قادرات على تجاوز كل التحديات ينتقلن إلى الحقول ليزرعن الأمل وتعيد الحياة إلى الأرض.

 ثورة صامتة، ثورة المرأة التي قررت أن تكون صانعة المستقبل

في عالم يزداد فيه الاهتمام بالأمن الغذائي والاستدامة، تأتي المرأة لتؤكد للعالم أن الحلول موجودة بين أيدينا. إنها تزرع بذور الأمل في المستقبل، وتبني مجتمعات أكثر استدامة وازدهارًا.”

 غالية مُربية الاغنام  

أمازونات الجنوب يعشن في منطقة ذات طبيعة قاسية صحراوية ماؤها قليل قررن امتهان الزراعة التي تحتاج الماء والتربة الخصبة والطقس المعتدل.

غالية صالح أطلقت “ اسم الاخوة “ على مشروعها كنوع من الامتنان لدعم إخوتها لها في مشروعها  “ تربية الأغنام والمواشي في بلدة غدوة التي تبعد “ 75 كيلو” عن سبها تقول غالية بدأت العمل  عام  2021 ومن خلال جمعية تنمية المرأة الريفية تحصلت على دعم معنوي وتشجيع كبير للمضي قدما وخوض التجربة، ساعدوني في اعداد دراسات الجدوى وخطة العمل ووضع احتياجات المشروع.

تصف غالية مشروعها : ” بأنه تنموي غذائي ومهم لتحقيق الأمن الغذائي ” فكرت فيه كثيرا لكن الظروف لم تكن ملائمة ، فقررت الانضمام لجمعية ” تنمية المرأة الريفية ومن غير النساء يفكر في المستقبل ! هكذا تكلمت ” غالية ” 

 ظروف ليست ملائمة  

تضيف غالية : “  لم أكن بمفردي ، كنت واخريات  حلمن ـ خططن ـ نفذن مشاريعهن وكانت العضوات يشجعن بعضهن ما ساهم في زيادة الإصرار والمثابرة بينهن.

موضحة أنها كانت تمتلك مبلغ بسيط البداية كانت ببناء حظيرة في مزرعة العائلة وحرصت ان تكون حظيرة حديثة وفق المواصفات العالمية :  جيدة التهوية والإضاءة والمساحات المخصصة لصغار الماشية وأماكن الرعي المناسبة وأدوات حلب حديثة ومعدات للعناية بالمواشي وتغذيتها لتكون تربية خالية من الامراض والآفات, و كبداية اشتريت عشرين رأس غنم واسعى لزيادة العدد, ورغم أنه لا يوجد طبيب بيطري ولا مركز طب بيطري في المنطقة والأدوية، ضاحكة تقول غالية : “ لا يوجد طبيب بيطري في منطقتنا ، لذلك اذهب الى المناطق المجاورة للحصول على الأدوية للماشية.

مشاريع مصاحبة 

تؤكد غالية  : “ ان طموحها الاستفادة من  دعم الجهات المختصة في هذا المجال وان تكون مزرعتها  حديثة فيها كل الأشياء التي تجعلها مزرعة متطورة مثل آلية “حفظ الألبان وجز الصوف رفع الأغذية للأغنام و صندوق لتوفير الأطعمة والأدوية متمنية ان تساهم في توفير فرص عمل للشباب من النساء والرجال عبر توسيع المشروع مثل فتح مجزرة صحية في منطقتها.

وصفوني بالمسترجلة 

من وادي عتبة أخبرتني  “ عائشة صالح محمد  “ موظفة ومتزوجة ولديها أطفال انها بدأت من الصفر اشترت قطعة أرض وتوقفت لسنوات لعدم توفر الإمكانيات ولتجمع المال : “ حفرت بئر وتوقفت لسنوات أيضا امدادات اسلاك الكهرباء ليست تتاح في الجنوب الليبي.

تقول عائشة : ” زرعت القمح والشعير ومن ايرادهما وسعت مشروعي وزدت أنواع أخرى من المحاصيل الزراعية.

تشتكي عائشة من صعوبات ومشاكل في منظومة شبكات الري والكهرباء وعدم توفر البذور وعدم وجود الآلات الري والآلات الزراعية.

وتضيف بمرارة : “  تأخرت كثيرا لأني لم اجد من يدعمني الا نفسي، لم اكتف بالزراعة ،حاولت إقامة صناعات بسيطة تعتمد على إنتاجي الزراعي مثل تجفيف الطماطم والملوخية والنعناع ورب التمر” ودقيق القمح المستخدم في اكلة “ الفتات “ .

تقول عائشة : “ اطمح في  الحصول على الآلات الزراعية لتطوير المشروع مثل الجرار وان تصل الكهرباء مزرعتي لأني  اعتمد على كابل وصل من منطقة بعيدة ,ولا يخلو المشروع من خسائر ، موسم البطيخ “  مثلا  زرعت خطين وفسد المحصول وخسرت سبعة الالاف”  بين بذور وأسمدة.

واجهت نظرة استهجان من المجتمع الذي لم يتقبل امرأة تعمل في المزرعة واتهموني  “بالمسترجلة  “ الرافضة لدورها الذي اختاره لها المجتمع “ البيت وتربية الأطفال “ ، لكني تجاهلت كل ذلك مع دعم زوجي ومع الوقت تقبل الناس رؤيتي وانا اعمل  طوال الوقت في مزرعتي.

 استكشاف الماضي 

“في زمن تسوده التكنولوجيا والحداثة، تختار المرأة الليبية أن تعود إلى جذورها، لتجدد علاقتها بالأرض التي كانت وما زالت مصدر رزقها وهويتها، إنها رحلة استكشاف للماضي، بحثًا عن الحكمة والمعرفة التي ورثتها الأجيال السابقة. وفي الوقت نفسه، هي انطلاقة نحو مستقبل أكثر استدامة، حيث تساهم في بناء مجتمع يقدر قيمة الأرض ويعمل على حمايتها.”

أفكار خارج الصندوق 

وهذا ما دعا ” عتيقة عبدالوهاب ” من مدينة اوباري في بلدة بعيدة ” الغريفة ” ان تحارب التصحر فقررت تنفيذ مشروع : ” مشتل نباتات الظل والزينة والأشجار المثمرة لمحاربة التصحر وتلطيف الجو”.

تقول عتيقة :بدأت بمفردي وكنت استخدم مواد “ إعادة تدوير “ علب الطلاء والقناني وغيرها استخدمها “ اصيصات “  لنباتاتي واشجاري، وبعد ذلك تحمست أسرتي وساعدتني, وكنت كل يوم أواجه تحديات واتغلب  عليها واحيانا هي تتغلب علي “ ضحكت عتيقة.

يسرقون أسلاك الكهرباء    

وأضافت في موسم التين قضت الآفات على المحصول وحزنت كثيرا لذلك كما ان لدي أشجار زيتون في المزرعة واواجه صعوبة في عصر الزيتون لا توجد معصرة قريبة في الجنوب واضطر ان انقل المحصول للشمال لعصره, وبسبب سرقة اسلاك الكهرباء بشكل متكرر تنقطع  الكهرباء خسرت العديد من نباتات الزينة والظل التي تحتاج الماء الذي لا يتوفر بلا كهرباء وقلة السيولة أيضا ساهمت في خلق متاعب لي حيث لا يمكنني شراء الأسمدة او شتلات جديدة.

تضيف عتيقة :شاركت بشتلات في معرض المرأة الريفية في سبها وكانت فرصة لتسويق شتلاتي أتمنى أن أطور مشروعي وان اعمل صوبة (غطاء شمسي) للتشتيل وان يكون عندي مضخة ماء احتياطية للحفاظ على شتلاتي ومضخة آفات والة حديثة لجمع الزيتون.

تختم عتيقة  : “ أعتقد  أن محاربة الفقر تقترن بمحاربة التصحر والجفاف واظن ان مشروعي سيساهم في تحقيق هذه الأمنية عندما أتمكن من تطوير مشروعي واساهم في رفع الوعي ونشر ثقافة أشجار الظل والزينة في كل الشوارع والأزقة في منطقتي .

300 سيدة في جمعية المرأة الريفية 

تقول عائشة محرز رئيسة جمعية تنمية المرأة الريفية في فزان : حاولت دعوة كل المسؤولين عن الزراعة في الجنوب  لمعرض المرأة الريفية لخلق فرصة للتشبيك بين السيدات أصحاب المشاريع وبين المسؤولين لتطوير مشاريعهن وتوسيعها وتقديم المساعدة لهن في عمل دراسة جدوى لمشاريعهن، و إبرازها وتسليط الضوء على مجهوداتهن وانضم لهذه الجمعية 300 سيدة حيث ساهمن في استصلاح الأراضي وزراعة المحاصيل مثل القمح والشعير والزيتون والأشجار المثمرة ونباتات الزينة والظل وتربية الأغنام والأبقار والأسماك في بحيرات صناعية .

 

شاهد أيضاً

بدء توزيع شحنات تطعيم الانفلونزا الموسمية بالمنطقة الجنوبية

بدأ المركز الوطني لمكافحة الأمراض توزيع شحنات تطعيم الإنفلونزا الموسمية بالمنطقة الجنوبية استعدادًا لحملة وطنية …