منصة الصباح

أسالك الرحيل

محمود السوكني

في يومي الرعب الماضيين عندما حوصرنا داخل بيوتنا التي تصدعت بفعل القذائف المهووسة التي انهالت علينا من كل جانب تبث الذعر بين السكان الآمنين ، ووسط الأنباء المؤلمة التي كانت تصلنا تباعاً عن عدد القتلى والمصابين وما لحق بالمباني والسيارات وكل ما اختاره القدر لأن يشهد هذه الوقائع ويكون ضحية لعبث المجانين الذين تمكنوا من رقابنا وتحكموا في مصائرنا ولم يجدوا بعد من يردعهم فطفقوا يتسلون بمصائرنا دون وازع ديني أو حتى أخلاقي يمنعهم !

في هذه الأثناء ، سرح بي الخيال بعيداً ورحت اسأل نفسي : لماذا نحن ؟ ما الذي اقترفناه حتى نكون هدفاً لنزقهم ؟ ألا يكفيهم ما نعانيه من فاقة وعوز وقلّة حيلة حتى يقضوا على ما تبقى لدينا من صبر وتحمل وإناءة ؟ هل يختبروننا ؟! أم تراهم مدركين لضعفنا وهواننا فارتأوا أن يمارسوا بسادية مفرطة إتلاف أعصابنا ويمحوا بعض كرامة عالقة بأسمالنا!

هل هي طرابلس التي نتكبد ضريبة العيش فيها ؟

أم أنها الدوائر الحكومية والمصالح العامة التي يغارون من وجودها بين ظهرانينا ؟

هل هي «العاصمة» التي يحسدوننا على تحمل أوزارها ؟!

إذا كان الأمر كذلك ، فإنني  بصفتي مواطناً مقيماً منذ ميلادي في هذه المدينة اقترح على بلدية طرابلس الكبرى أن تدعو إلى اجتماع عاجل تحضره بلديات العاصمة للتشاور حول أمرين : –

* التخلي عن صفة العاصمة ومنحه لأية مدينة لها مقومات العاصمة وترغب في تقلد هذا التشريف .

* الطلب من كافة المصالح والدوائر الحكومية المركزية بما في ذلك مجلس الوزراء ومصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط… الخ نقل مقراتها خارج الحدود الإدارية لمدينة طرابلس .

إن التخلي عن (ميزة) هذا اللقب لن يضر طرابلس في شيء لأنه في الأصل لا يضيف لها شيئاً سوى الحروب وخراب البيوت ، كما أن تزاحم المصالح الحكومية على أرضها، لم يفدها بل أضاع رونقها وأفسد مظهرها وذهب بتوهجها .

نريد أن تعود طرابلس الفيحاء، التي تعبق بالزهر والحناء يفوح شذى عطرها بين حواريها وتنعش راحة  الياسمين أرجاءها لتظل أبداً قبلة العشاق وملاذ السادرين في ملكوت الرحمن بقلوب صافية وأرواح نقية خالصة لله .

شاهد أيضاً

زيادة الوزن وطريق الموت

مع شاهي العصر: توجد دولة في جنوب أمريكا اسمها بوليڤيا بها شارع يعد أخطر شارع …