منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية
مقالات مشابهة
تقرير/ طارق بريدعة
أعلن مكتب النائب اليوم الأربعاء، عن حبس مسؤول الشأن المالي في جهاز الإمداد الطبي، بعد تحقيقات كشفت عن استخدام مبلغ “مليار وخمسمائة مليون دينار ليبي” في غير الوجه المخصص له..
الأموال التي خُصصت لإدارة المناقصات العامة، وتوريد الأدوية في العام الماضي “2023”، لم تُستخدم لتوفير العلاج الضروري للمرضى، بل سُدَّدت بها مديونيات تعود إلى ما قبل عام :2013″، ما أدى إلى انتهاك حق المواطن الليبي في الحصول على خدمات صحية منتظمة..
ويعكس هذا الإعلان جانباً من تعقيدات أزمة القطاع الصحي في ليبيا، حيث تتداخل مشكلات الفساد مع سوء التخطيط والرقابة، ما يترك المريض الليبي في مواجهة معاناة يومية متزايدة..
شُحنات طبية بأرقامٍ كبيرة وواقع مرير..
تُشير تقارير جهاز الإمداد الطبي، إلى تدفّق شحنات ضخمة من الأدوية والمستلزمات الطبية بشكل أسبوعي وشهري، تشمل هذه الإمدادات مستشفيات كبرى مثل طرابلس الجامعي، ومستشفى شارع الزاوية، ومراكز غسيل الكلى..
لكن تحقيقات النيابة العامة، كشفت عن اختلالات كبيرة في إدارة الأموال المخصصة لهذا القطاع.. ورغم الأرقام المعلنة، تُعاني المرافق الصحية نقصًا حاداً في الأدوية الأساسية، ما يثير تساؤلات حول مصير هذه الشحنات وشفافية عمليات التوزيع.
المرافق الصحية: ضعف الخدمات رغم الإمكانيات
تمتلك ليبيا أكثر من “1500” مرفق صحي، موزعة بين المدن والمناطق النائية، إلا أن العديد منها يعاني نقصًا في الأدوية والمعدات الطبية..
ورغم وجود كوادر طبية مؤهلة، يُفضل العديد من الأطباء العمل في المدن الكبرى، تاركين المناطق النائية تواجه تحديات مضاعفة، بسبب ضعف الدعم اللوجستي، وانعدام الحوافز..
غياب الأدوية أزمة مُتجدّدة تزيد من مُعاناة المرضى
رغم الجهود المعلنة لتوفير الشحنات الطبية، يجد المواطن الليبي نفسه عاجزًا عن الحصول على علاجه، الأمر الذي دفع البعض للتساؤل: “أين تذهب الأدوية؟”..
ضعف الرقابة وسوء التوزيع يؤديان إلى تسرب الأدوية إلى السوق السوداء، حيث تُباع بأسعار تفوق قدرة المواطنين..
ويعزز تقرير النيابة العامة هذه الشكوك، إذ يكشف عن استخدام أموال ضخمة في غير أغراضها، ما أثر مباشرة على حياة المرضى..
حقائق من أرض الواقع
• 27 نوفمبر 2024: وصول شحنة أدوية عامة ومتخصصة إلى مخازن طرابلس..
• 14 نوفمبر 2024: تسليم “20” حاوية من المحاليل الوريدية للمنطقة الغربية..
• 11 نوفمبر 2024: توزيع أغذية الحساسية وحليب مرضى الأيض، على مناطق بنغازي وفزان والوسطى..
رغم هذه الجهود، لا يزال الأثر الملموس غائباً، ما يعكسُ فجوة كبيرة بين التخطيط والتنفيذ..
تصريحات وزارة الصحة.. المشكلة في التنفيذ
“بن نيران: لا نقص في الكوادر الطبية، ولكن يتقاعس الأطباء عن العمل في المناطق النائية.”..
صرحت مدير مكتب الإعلام والمتحدث الرسمي بوزارة الصحة في حكومة الوحدة الوطنية “وداد بن نيران”، لمنصة “الصباح”، أنه لا يوجد نقص في الكوادر الطبية بالمناطق..
وأوضحت أن الوزارة تقوم بتعيين عشرات الأطباء والأطباء المساعدين يوميًا في المراكز الصحية، لكن هناك تقاعس من بعض الأطباء في قبول تعييناتهم في مناطق نائية، مثل تراغن والجنوب، حيث يفضلون العمل في العاصمة أو المدن الكبرى..
وأضافت “بن نيران” أن المراكز الصحية تتوزع على ثلاثة مستويات تحت إشراف الوزارة: المستوى الأول يشمل المراكز الصحية الأولية “المستوصفات”، المستوى الثاني يضم المستشفيات العامة، والمستوى الثالث يتكون من المستشفيات التخصصية، والمراكز الصحية التي تُجرى فيها الجراحات الكبرى..
وأشارت إلى أن الوزارة تسعى دائمًا لتوفير الإمكانيات اللوجستية، والكوادر الطبية، والأدوية لتسهيل وصول المواطن إلى العلاج دون معاناة..
المناطق النائية.. مُعاناة بلا حلول
تٌعاني المناطق النائية في ليبيا من غياب شبه كامل للخدمات الصحية، ويضطر السكان لقطع مسافات طويلة للحصول على العلاج، بينما تعاني المراكز الصحية المحلية من نقص المعدات والكوادر..
ويسلط هذا الوضع الضوء على الحاجة الملحة لتحسين توزيع الموارد، وضمان العدالة في تقديم الخدمات..
مطالب وإصلاحات ملحة
• تشكيل لجان تحقيق مستقلة لمراجعة مصير الشحنات الطبية والأموال المخصصة..
• تطبيق نظام رقابي إلكتروني لتتبع الأدوية وضمان وصولها للمستحقين..
• تقديم حوافز مالية ومعنوية لتشجيع الكوادر الطبية على العمل في المناطق النائية..
وتكمن الحلول في ضرورة التعجيل بإيجاد مسار جديد لإدارة الأزمة الصحية في ليبيا، ليست مجرد نقص في الإمدادات، بل هي أزمة عميقة، تكشف عن فساد مالي وسوء إدارة، يُلقي بظلاله على حياة المواطنين..
حبس مسؤول الشأن المالي في جهاز الإمداد الطبي قد يكون خطوة أولى نحو المحاسبة، لكن الحلول تتطلب المزيد من الشفافية، الرقابة، وإعادة هيكلة القطاع الصحي لضمان توفير العلاج للمواطنين في الوقت المناسب..
