منصة الصباح

أزمة‭ ‬ضمير‭ ‬وأخلاق

نافذة
بقلم /‭ ‬إيناس‭ ‬اليوسف

لماذا‭ ‬لا‭ ‬يحل‭ ‬السلام‭ ‬بلادنا؟‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬نتسامح‭ ‬ونتصالح‭ ‬ونعفو؟‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬نتجاوز‭ ‬الضغينة‭ ‬والحقد‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أبدا‭ ‬من‭ ‬صفات‭ ‬الشعب‭ ‬الليبي‭ ‬الطيب‭ ‬؟‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬؟‭ ‬
مرت‭ ‬علينا‭ ‬سنوات‭ ‬كثيرة‭ ‬عانينا‭ ‬فيها‭ ‬ضيق‭ ‬الحال،‭ ‬والتعب،‭ ‬وقلة‭ ‬الموارد‭ ‬والإمكانات،‭ ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬كنا‭ ‬نقتسم‭ ‬معا‭ ‬رغيف‭ ‬الخبز،‭ ‬ونجلس‭ ‬معا‭ ‬جيرانا‭ ‬وأصدقاء‭ ‬نعين‭ ‬المحتاج‭ ‬منا‭ ‬ونساعد‭ ‬من‭ ‬يحتاج‭ ‬المساعدة‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬مقابل،‭ ‬كنا‭ ‬نفرح‭ ‬معا‭ ‬ونبكي‭ ‬معا،‭ ‬ونذبح‭ ‬الذبائح‭ ‬معا‭ ‬احتفالا‭ ‬بالأعياد‭ ‬والأفراح‭. ‬
ماالذي‭ ‬حدث‭ ‬لنا؟‭ ‬اين‭ ‬ذهبت‭ ‬المحبة‭ ‬والطيبة‭ ‬والشهامة‭ ‬والنخوة،‭ ‬وروح‭ ‬التسامح‭ ‬والحب‭ ‬والرأفة‭ ‬بالضعيف‭ ‬والأخذ‭ ‬بيد‭ ‬الفقير‭ ‬؟
أين‭ ‬ذهبت‭ ‬عاداتنا‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬وأين‭ ‬هو‭ ‬احتشامنا‭ ‬وأخلاقنا‭ ‬البدوية‭ ‬الاصيلة‭ ‬؟
لابد‭ ‬أن‭ ‬نعود‭ ‬كما‭ ‬كنا‭ ‬تغمرنا‭ ‬روح‭ ‬الصلح‭ ‬والتسامح‭.‬‭ ‬أن‭ ‬نعلم‭ ‬أولادنا‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬الكراهية‭ ‬والمطاردة‭ ‬والانتقام‭ ‬وتصفية‭ ‬الحسابات‭ ‬الشخصية‭ ‬وإشهار‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الصغير‭ ‬والكبير‭. ‬كل‭ ‬أسرة‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬أبنائها،‭ ‬وكل‭ ‬رب‭ ‬أسرة‭ ‬مسؤول‭ ‬أمام‭ ‬الله‭ ‬عن‭ ‬سلوكيات‭ ‬أبنائه،‭ ‬وكل‭ ‬أم‭ ‬هي‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬تربية‭ ‬أطفالها‭ ‬على‭ ‬الدين‭ ‬والأخلاق‭ ‬والاحترام‭ ‬والاحتشام‭ ‬اقتداء‭ ‬بكلام‭ ‬رسولنا‭ ‬الكريم‭ ‬عليه‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭ (‬كلكم‭ ‬راع‭ ‬وكل‭ ‬راع‭ ‬مسئول‭ ‬عن‭ ‬رعيته‭).‬
أزمتنا‭ ‬اليوم‭ ‬هي‭ ‬أزمة‭ ‬ضمير‭ ‬وأخلاق‭.. ‬فأساس‭ ‬المجتمع‭ ‬المتحضر‭ ‬هو‭ ‬التربية‭ ‬السليمة‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬الاحترام،‭ ‬احترام‭ ‬الصغير‭ ‬للكبير،‭ ‬واحترام‭ ‬الرأي‭ ‬الآخر‭ ‬مهما‭ ‬اختلفت‭ ‬معه‭.‬
لابد‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتربية‭ ‬والتعليم‭.. ‬أن‭ ‬نعلم‭ ‬أطفالنا‭ ‬الوطنية‭ ‬وحب‭ ‬الوطن،‭ ‬وأن‭ ‬نعلمهم‭ (‬إنما‭ ‬الأمم‭ ‬الأخلاق‭ ‬ما‭ ‬بقيت‭ ‬فإن‭ ‬هم‭ ‬ذهبت‭ ‬أخلاقهم‭ ‬ذهبوا‭) … ‬فلابد‭ ‬وفق‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬نهتم‭ ‬بأخلاقنا‭ ‬وأخلاق‭ ‬أبنائنا،‭ ‬فنحن‭ ‬مرآة‭ ‬بيوتنا‭ ‬وأوطاننا‭ .‬
العنصرية‭ ‬والجهوية‭ ‬والقبلية‭ ‬مرض‭ ‬استشرى‭ ‬وتوغل‭ ‬في‭ ‬نسيج‭ ‬المجتمع‭ ‬وبين‭ ‬أبناء‭ ‬البلد‭ ‬الواحد،‭ ‬والصراعات‭ ‬المميته‭ ‬القاتلة‭ ‬دمرت‭ ‬كيان‭ ‬الوطن،‭ ‬فمن‭ ‬يتصور‭ ‬أن‭ ‬قبيلة‭ ‬تقاتل‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬كلمة‭ ‬أو‭ ‬موقف‭ ‬أو‭ ‬توجه‭ ‬سياسي،‭ ‬أو‭ ‬استعراض‭ ‬لعضلات‭ ‬وقوة‭ ‬إحداها‭.. ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬هذا‭ ‬التفسخ‭ ‬والانقسام،‭ ‬وكل‭ ‬الصراعات‭ ‬الداخلية‭ ‬تبيح‭ ‬للقوى‭ ‬الخارجية‭ ‬انتهاك‭ ‬بلادنا‭ ‬واستباحة‭ ‬دمائنا‭ ‬ونهب‭ ‬ثرواتنا؟‭… ‬فالدول‭ ‬الأجنبية‭ ‬تسرقنا‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬بحرا‭ ‬وجوا‭ ‬وبرا،‭ ‬ونحن‭ ‬منشغلون‭ ‬بشراء‭ ‬الأسلحة‭ ‬والذخيرة،‭ ‬وقتل‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‭. ‬فإلى‭ ‬متى‭ ‬سيستمر‭ ‬هذا‭ ‬النزيف‭ ‬والهدر‭ ‬المستمر‭ ‬للأرواح‭ ‬والأرزاق‭ ‬؟
أنتم‭ ‬تهدمون‭ ‬وطنكم‭ ‬بجهلكم،‭ ‬وتسحقون‭ ‬كل‭ ‬القيم‭ ‬النبيلة‭ ‬التي‭ ‬تربينا‭ ‬عليها،‭ ‬وتخالفون‭ ‬بذلك‭ ‬شرع‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬يحرم‭ ‬قتل‭ ‬المسلم‭ ‬للمسلم‭ ‬فمابالك‭ ‬بقتل‭ ‬أبناء‭ ‬البلد‭ ‬الواحد‭ ‬لبعضهم‭ ‬البعض‭!.. ‬
لابد‭ ‬أن‭ ‬يلتم‭ ‬الشمل،‭ ‬وأن‭ ‬نتسامح‭ ‬ونتصافح،‭ ‬فليبيا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أبنائها‭ ‬الشرفاء،‭ ‬ليبيا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أولادها‭ ‬ليحموها‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬أخطار‭ ‬خارجية،‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬السد‭ ‬المنيع‭ ‬لأي‭ ‬تهديد‭ ‬خارجي‭ ‬يحيط‭ ‬ببلادنا‭ ‬وأن‭ ‬نحافظ‭ ‬علي‭ ‬أمن‭ ‬وأمان‭ ‬بلادنا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬انتزاع‭ ‬السلاح‭ ‬من‭ ‬أيدي‭ ‬العابثين،‭ ‬وأن‭ ‬ننهض‭ ‬ببلادنا‭ ‬ونحافظ‭ ‬علي‭ ‬أمنها‭ ‬القومي‭ .‬
أخيرا‭..‬‭ ‬لايجوز‭ ‬أن‭ ‬تعاني‭ ‬ليبيا‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬أبنائها‭ ‬على‭ ‬أبنائها،‭ ‬ولايمكن‭ ‬أن‭ ‬نوجه‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬وجوه‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‭ ‬مهما‭ ‬اختلفنا،‭ ‬ولايحوز‭ ‬استباحة‭ ‬دماء‭ ‬أولادنا‭ ‬وأقاربنا‭ ‬وأهلنا‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬مسمى‭ ‬كان،‭ ‬فهذا‭ ‬لا‭ ‬يقبله‭ ‬لا‭ ‬عقل‭ ‬ولا‭ ‬دين‭ .‬
ليبيا‭ ‬باقية‭ ‬وطن‭ ‬يحمينا‭ ‬ويحمي‭ ‬اطفالنا‭ ‬ليبيا‭ ‬دولة‭ ‬قوية‭ ‬بأبنائها‭ .‬
‭ ‬

شاهد أيضاً

ندوة حول حوادث المرور في المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي

عقد المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي والاجتماعي امس الأربعاء ندوة حول “حوادث المرور الأسباب والحلول المقترحة”. …