منصة الصباح

أحلاهما مر !

أحلاهما مر !

—————محمود السوكني————–

يقولون أن مبادرة “باتيلي” تُعد تدخلاً أممي لفرض السيطرة على الشعب الليبي ، وأن المبعوث الأممي تجاوز دوره كداعم للعملية الدستورية إلى التحكم في مصير الليبيين وتشكيل خارطة مستقبل بلادهم ؛ قد يكون هذا صحيحاً وهو أمر مرفوض تقديساً لمبدأ السيادة وإحتراماً لحقنا في تقرير مصيرنا .
ولكن السؤال الأهم : من اتاح ل “باتيلي” فرصة الهيمنة على القرار والتحكم فيه ؟ هل كان “باتيلي” أو غيره يجروء على ذلك لو لم يجد البراح مهيئاً له ؟!
ألم يكن الوقت كافياً لمجلسي النواب والدولة لإنهاء خلافاتهم المفتعلة حول القاعدة الدستورية والوصول إلى إتفاق ينهي هذا الخلاف المزمن ؟
السيد “عبدالله باتيلي” لم يهبط من السماء بل جاء بتوافق أممي للمساعدة على حل المعضلة الليبية حتى وإن ادعى البعض غير ذلك ، وهو كمن سبقه لم يفرض نفسه على الساحة الليبية بل نحن من منحناه هذه الفرصة بعد أن تجاوزت خلافاتنا حدود الوطن واضحت وبالاً علينا وعلى من حولنا .
الانتخابات هي المطلب والمشاركة فيها مرشحاً أو نائباً حق لكل ليبي ينتمي لهذا البلد ، لا فرق فى ذلك بين عسكري أو مدني فالإنتساب إلى المؤسسة العسكرية ليس جُرماً يعاقب عليه بل شرفاً يفتخرون به ونشكرهم عليه . أفراد القوات المسلحة هم أجناد الأرض الذين يحمونها ويذوذون عن حياضها ويموتون فداءً لها وليس أقل من أن يتمتعوا -كغيرهم- بحقوق المواطنة وهم من ينوء كاهلهم بأقدس واجباتها . إن الإعتزاز بالقوات المسلحة والتباهي بها لا يعني تشجيعها على الإستيلاء على مقاليد الحكم بقوة السلاح فهذا يتعارض مع ابسط قواعد الديمقراطية ويتنافى وشروط التداول السلمي على السلطة ، لكن أفرادها من حقهم ممارسة دورهم الإنتخابي ولا يجوز حرمانهم من هذا الحق . أمّا حاملي الجنسية الأجنبية فإن المنطق يحتم عليهم التخلي عنها إذا ما رغبوا في الإنخراط في العملية الإنتخابية لأنه لا يمكن أن نسلم رقابنا لمن يدينون بالولاء لغيرنا . لقد إضطر البعض معذوراً إلى الإحتماء بالخارج في وقت من الاوقات لكن العذر إنتفى الآن ولا حجة لمن يتمسك بغير جنسية بلده لأن ذلك -بداهة- يتعارض مع شروط المواطنة الحقة.
لازلت أعتقد واكاد اجزم بأن الخلاف ليس على قاعدة دستورية بل إفتعال لمشكلة متفق على تعقيدها بين عبّاد الكراسي الذين إستمرأوا إذلالنا ونهب خيراتنا وانحازوا إلى مصالحهم ضد مصلحة الوطن وهذا الحال في تقديري لن ينتهي أبداً إلّا بتدخل خارجي نرفضه في داخلنا ونرضى به مكرهين بإعتباره أفضل الخيارات المتاحة وإن كان خياراً سيئاً ومشيناً .

شاهد أيضاً

زياد الذي لم ينس ريشه

مفتاح قناو منذ أن عرفته عن قرب في تسعينيات القرن الماضي، كان الكاتب الراحل زياد …