بقلم :أحلام محمد الكميشي
يعاني المواطن الليبي عديد المشاكل المتعلقة بحسابه الجاري في المصارف العامة والخاصة والتي تفاقمت بمرور السنوات نتيجة تخبط السياسات المصرفية، وهو مضطر لفتح الحساب وتسديد عمولاته كي يتلقى فيه مرتبه الشهري ويودع فيه الأموال.
أحد المصارف التجارية يضع على موقعه الإلكتروني تعريفًا للحساب الجاري، معددًا المزايا، والمستندات المطلوبة، متعهدًا بأن رصيد الحساب بمثابة قرض حسن تحت الطلب من صاحب الحساب (المقرض) إلى المصرف (المقترض)، وتنطبق عليه أحكام القرض من وجوب الضمان ورد المثل عند الطلب، وينبه إلى أحقية المصرف في استثمار كل رصيد الحساب أو جزء منه، فتؤول أرباح الاستثمار له ويتحمل خسائره، ولا يشترك صاحب الحساب الجاري مع المصرف في الأرباح ولا يتحمل الخسائر ولا المخاطر.
لكن في الواقع لا يمكن فتح حساب جاري في عديد المصارف إلا بالواسطة، ومع أنه وديعة تحت الطلب وليس وديعة لأجل ولا يمنح المصرف لصاحبها أي فوائد عليها، يفترض أن استخدامها من قبل المصرف في التمويل يعتمد على درجة استقرارها التي يقررها صاحب الحساب دون سواه عبر قيامه بالسحب والإيداع وقصر أو طول الفترة الزمنية بينهما.
وتشعرنا الطوابير الطويلة أمام المصارف وآلات السحب بالبطاقة المصرفية وكذلك دفاتر الصكوك المكدسة في جيوب أصحابها بعد تسديدهم ثمنها للمصرف ورفضه تسليمهم أموالهم التي في حساباتهم بموجب إبرازها للخزينة، أن دعايات المصارف فخ لاصطياد أموال العميل الذي يضطر لفتح حساب جاري ثم يتفاجأ أن المصرف يتعامل معه وكأنه حساب احتجاز أموال سفيه! إذ تمنع إدارات المصارف عملائها من سحب أموالهم بالصكوك وتجبرهم على الذهاب لآلات السحب محددة سقف السحب النقدي منها، وبعد طابور طويل قد يٌجبر العميل على اللحاق بطابور آخر بسبب نفاذ المال في الآلة الأولى، وإذا استخدم البطاقة للشراء تتعدد حالات (العملية مرفوضة) ثم يكتشف لاحقًا أن المبلغ تم خصمه فعليًا من حسابه، فيضطر للتوجه في اليوم التالي للمصرف وتعبئة نموذج ورقي والانتظار لمدة لا تقل عن أسبوع لاستعادة المبلغ وقد يمضي شهر وأكثر في المراجعة دون نتيجة.
يحمي القانون الليبي حق صاحب الحساب الجاري في التصرف في أي وقت في رصيده الدائن، ويفرض صرف الصكوك بموجب إطلاع المصرف طالما أن الحساب يغطي قيمتها، خاصة وأن صاحب الحساب لا يشترك مع المصرف في الأرباح ولا يتحمل الخسائر ولا المخاطر ومن حقه استلام أمواله متى شاء، ويفترض أن المصرف المركزي بموجب رقابته على المصارف يعلم بالمخالفات القانونية التي ترتكبها، ويتوجب عليه إيجاد الحلول لها وللمبالغ المالية التي يتم خصمها من حسابات العملاء تجاوزًا بالتزامن مع العمليات المرفوضة للبطاقة المصرفية، بل وتعويضهم عن الضرر الذي يلحق بهم جرّاء وقوفهم المهين في الطوابير وعن مصاريف تنقلهم من وإلى المصرف للمراجعة وتسوية الأخطاء، ويجب تسوية أمور التحول الرقمي الجدي والفعّال في كل المجالات التي مازالت إلى اليوم لا تقبل إلا الدفع النقدي، ويجب ترقية وتطوير الخدمات والمنظومات الرقمية وعدم التضييق على المواطن أكثر من هذا.