منصة الصباح

يجب تحرير أفريقيا من غير الأفريقيين

 

 

(لأن الأفارقة يهجرون قارتهم بسببكم.. والحل ليس هو نقل الأفارقة إلى أوروبا.. بل تحرير أفريقيا من بعض الأوروبيين).. جملة وجهتها السيدة “جورجيا ميلوني” أحد أبرز ضيوف منتدى الهجرة عبر المتوسط المنعقد في طرابلس الأربعاء الماضي، في ردها العاصف على الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” قبل أن تفوز برئاسة وزراء إيطاليا في أكتوبر 2022م، وفيها بعض الحل لمكافحة الهجرة غير النظامية وإنهاء خطرها الذي يخيف أوروبا ويعد أحد أهم الأوراق الانتخابية لساستها وزعمائها.

 

ارتبطت أفريقيا بأوروبا منذ ستينيات القرن الماضي عبر اتفاقيات استمرار التبعية في مرحلة ما بعد الاستعمار، ومنها اتفاقيات (لومي) إلى أن تم إنهاء الإعانات المتبادلة التي استفادت منها أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي خاصة فيما تعلق بالوصول التفضيلي لمنتجاتها لأسواق أوروبا، بسبب دفع الولايات المتحدة الأمريكية باتجاه وقف جميع اتفاقيات التجارة التفضيلية بين أوروبا ودول أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي، وفي 2000م أبرمت اتفاقية (كوتونو) بين الاتحاد الأوروبي ونفس الدول، عدا عن الاتفاقيات الفردية بين دول أوروبية وأفريقية أو بين الاتحاد الأوروبي ودول أفريقية على حدة، بهدف القضاء على الهجرة غير النظامية وإلزام أفريقيا باسترجاع أولادها، لكن بعض سياسات الاتحاد الأوروبي غير المدروسة تتسبب أحيانًا في انتكاسة كما حدث عندما أوقف الاتحاد الأوروبي مساعداته للنيجر ضاغطًا على مجلسها العسكري الحاكم لإعادة الرئيس المخلوع “محمد بوعزوم”، فقامت النيجر بإلغاء قانون رقم 36 لسنة 2015 لمكافحة الهجرة، لتنطلق موجات من الهجرة غير النظامية بزيادة 69% وفق إحصاءات منظمة الهجرة الدولية الأمر الذي أثقل كاهل الدولة الليبية.

 

وعلى مستوى أفريقيا ترتبط دولها بتكتلات اقتصادية كالمجموعة الاقتصادية لدول وسط افريقيا المكونة من 10 دول لا تربطنا معها حدود برية باستثناء تشاد، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا المكونة من 15 دولة لا تربطنا معها حدود برية باستثناء النيجر، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) المكونة من 8 دول لا تربطنا معها حدود برية باستثناء السودان، إضافة للتكتلات والاتحادات الأفريقية التي تعتبر ليبيا عضوًا فيها كالسوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا والاتحاد الأفريقي وغيرها، مما سهّل حرية التنقل بين الأفارقة فيما تستمر الشركات الأوروبية ومتعددة الجنسية في استنزاف ثروات أفريقيا وتستمر شركات بيع الأسلحة في تأجيج الصراعات المسلحة وتستمر التكتلات السياسية العالمية في رسم وتحريك الأنظمة السياسية الأفريقية.

 

خرج منتدى الهجرة عبر المتوسط بتمديد الاتفاقية الموقعة بين ليبيا ومالطا في 2020م، وتوقيع اتفاقية بين ليبيا وتشاد، كما تمت الدعوة للاهتمام بدول المنشأ وتنميتها والرفع من المستوى المعيشي لسكانها، وربما هذه هي السياسة الجديدة التي تناسب أوروبا والولايات المتحدة حاليا في أفريقيا بعد أن تسببت سياساتهما السابقة منفردة أو عبر الوكلاء في توغل عسكري أكبر لروسيا وتوغل اقتصادي أكبر للصين على حسابهما، حتى أن أوروبا تقترب من الوقوع بين فكي كماشة روسية تزحف ببطء لتُطبق على ضفتي المتوسط دون أن تستثني الشرق الأوسط والأقصى أو تغفل البحر الأحمر.

 

أحلام محمد الكميشي

شاهد أيضاً

في شارعنا تاكسي: رحلة يومية مع العناء

تاكسي الشارع: شريك الضرورة وحليف الأمل إعداد ..طارق بريدعة  لا مفر لمن  يسكن في مدينة …