منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية
مقالات مشابهة
دوّما أرى أن إيران تتصرف وفق مصالحها فقط، وهذا حقها الطبيعي كدولة تسعى لتعزيز نفوذها وحماية موقعها الإقليمي.
وفرحة العرب والمسلمين بعدائها مع أمريكا وإسرائيل تدغدغ العاطفة لكنها لا تغيّر حقيقة أن القرار السياسي يُبنى على موازين القوة والمصالح والتوازنات، وليس على العواطف أو المواقف الأخلاقية.
اليوم، تقف إيران في وجه استقرار لبنان والعراق، وتمنع نزع سلاح حزب الله والحشد الشيعي، في خطوة تعكس استراتيجيتها الثابتة على مصالحها، بعيدًا عن أي اعتبارات أو تضامن عاطفي، وهذا السلوك امتداد لمنهجيتها في حماية مصالحها الإقليمية، والتصرف وفق استراتيجية طويلة المدى، بغض النظر عن ردود الفعل العربية أو الدولية، وما يراه البعض معاداة لأمريكا هو في حقيقته موازنة بين المصالح وفق ما هو مأمول وما هو مستطاع.
عنما خاضت مصر حربها ضد إسرائيل في 1973م، وساعدتها دول عربية من باب العاطفة ضد العدو المشترك، كانت تحارب لتعزيز موقفها السياسي وكسب نقاط عند السلام لاحقًا، وهو نفس المنطق الذي يمكن أن يُرى في تحركات إيران الحالية، فالقوة تُستخدم كأداة لتغيير المعادلات السياسية، وليس فقط لتحقيق انتصار عسكري.
كثير من الدول العربية والإسلامية غيرت مواقفها من الحرب إلى التطبيع وفق الظروف والمصالح، وصارت استراتيجيتها للمواجهة عبر بيانات الاستنكار والتنديد، وكأنها تتفاجأ في كل مرة بتصريح أو سلوك من إسرائيل التي لم تتغير منذ مايو 1948م.
من يفهم لعبة السياسة يمكنه قراءة الأحداث بموضوعية، وتقدير القوى المؤثرة على الأرض دون الانغماس في الانفعالات اللحظية أو الانبهار بالتصريحات العاطفية، لقد كان التطبيع قبل 50 سنة مطلبًا لإسرائيل ومن أجل وضع القطار على السكة جلست لكامب ديفيد وتركت سيناء، وجعلت موقف مصر جزرة أمام أفواه البقية، لكن تصريحات “نتنياهو” الأخيرة كشفت أن النوايا ذاتها لم تتغير، وأن التنازل عن سيناء قبل نصف قرن كان مؤقتًا وأن التطبيع لم يعد مطلبًا اسرائيليًا وإن بدا استراتيجية عربية وإسلامية للبعض، وأن الصهيونية ستدوس على كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو لتتمدد دولتها من النهر إلى البحر، وعلينا أن نعي أن ما يؤخذ بالقوة لن يسترجع بالتطبيع.
أحلام محمد الكميشي
