منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية
مقالات مشابهة
أحلام محمد الكميشي
انتشر مؤخرًا خبر مأساوي عن موظفة ليبية تقترب من نيل الدكتوراه أرادت تحسين دخلها بتأجير مسكن صغير تملكه قرب بيتها، ففقدت مع ابنتها حياتهما على يد المستأجر وامرأة ادعى أنها زوجته ثم هربا معًا واكتُشفت الجثتان بعد أيام.
هذه الحادثة تسلّط الضوء على ملف الإيجار في بلادنا بكل ما فيه من فوضى وضياع للحقوق وتجاوز للقانون وغياب للدولة، ورغم إعلان القبض على المشتبه بهما إلا أن التفاصيل ماتزال قيد الإنتظار.
وبمتابعة إيجار العقارات في ليبيا تبرز أسئلة مهمة: من يحدد الأسعار التي تفوق دخل موظف عادي أو شاب يفكر في تكوين أسرة؟ وكيف تدار علاقة المؤجر بالمستأجر بعيدًا عن مسار قانوني ملزم؟ ولماذا تتفرج الدولة دون أن تتدخل؟ ورغم أن غياب الدولة لا يعفيها لأن الأمن والنظام العام من صميم مسؤولياتها إلا أنها تتغافل عن خروج سوق العقارات من منظومتها الاقتصادية والسيادية، فلا تُدفع أي ضرائب على التملك أو الإيجار، وأسعار وإجراءات الإيجار الحالية تخالف القانون رقم 28 لسنة 1976م في شأن إيجار الأماكن والذي مازال ساريًا دون تعديل رغم مرور نصف قرن على صدوره، وكذلك القانون رقم 7 لسنة 2010 م بشأن ضرائب الدخل وتعديلاته، ناهيك عن قيام نافذين بالعلاقات أو المنصب أو السلاح بالاستيلاء على أراضي عامة أو خاصة وتقسيمها وبيعها بالتزامن مع تعطيل السجل العقاري منذ 2011م عن أداء دوره لخدمة المجتمع اقتصاديًا وحقوقيًا، وفي غياب إلزامية التعاقد والرقابة الفعّالة يعاني المستأجر من زيادات متكررة في الإيجار قد تجبره على الرحيل دون تعويض خاصة إذا قام بتحسين العقار أو أقام فيه نشاطًا ناجحًا إذ يطمع بعض الملاك في الشراكة أو الاستيلاء عند أول مؤشرات الربح.
إن استمرار حركة سوق الإيجار الليبي بمعايير القوة والفوضى، وإدارته خارج سيطرة الدولة التي لا تعرف من يؤجّر لمن؟ يضعف الاقتصاد الوطني ويزيد التضخم ويضيع حق المواطن في توفير سكن صحي قانوني وبسعر مناسب بعيدًا عن الاستغلال والنصب، وتزداد الخطورة مع تحول عدة عقارات مسارح للجريمة أو أوكار لتجارة البشر والسلاح والمخدرات أو للأعمال المنافية للآداب والنظام العام.
