منصة الصباح

دعوة لتنمية المناطق الحدودية

أحلام محمد الكميشي

ما يزال التراشق بين عدد من النشطاء والإعلاميين الليبيين والتونسيين يحتل مساحات من المحتوى الإعلامي على وسائل الإعلام والصفحات الشخصية وكل يستقبل تعليقات الجمهور بين مؤيد ومعارض، فيما تنشر السلطات في البلدين يومياتها في ضبط المعابر خاصة (راس اجدير) مؤكدة على منعها التهريب لحماية مقدرات البلد من الضياع، كما انتشرت فيديوهات تزعم استنفارًا عسكريًا تونسيًا على الحدود البرية بين البلدين، مع قيام بعض من يسمون أنفسهم محللين سياسيين بتعديد ما يرونه (جميل) لبلدهم على البلد الآخر وفق وجهات نظرهم وسط خلط للمفاهيم بين التجارة البينية والتهريب وبين ما يمثل خسارة لهذا البلد أو ذاك.

هذا التوتر طبيعي، فمعظم المناطق الحدودية حول العالم شهدت تقسيمات فرضتها معاهدات دولية، مما جعل العائلات والقبائل تتوزع مع أملاكها بين بلدين، ليصبح الولاء للقبيلة والعائلة أحيانًا أقوى من الولاء للدولة، خاصة في وجود عوامل مثل قسوة الظروف المعيشية والتهميش الإداري وضعف البنية التحتية إضافة لنشاط عصابات الجريمة المنظمة وانعدام المشاريع الاقتصادية والسياسات التنموية وغياب فرص العمل والاستثمار الذي يستغل الموارد البشرية والطبيعية في المناطق الحدودية لخلق بدائل للكسب المشروع ترفع مستوى الدخل وتقضي على التهريب في مفهومه الفردي والجماعي تلقائيًا خصوصا عند تشديد الرقابة وإنفاذ القانون على الجميع.

يرتبط الأمن القومي لأي بلد بمسألة الأمن في حدودها البرية والبحرية وسيطرتها على معابرها وقدرتها على مراقبة وضبط مسالك التهريب التي تكاد تكون هي نفسها للسلاح والمخدرات والبشر، لكن التفكير في حل مشاكل المناطق الحدودية وفق الحلول الأمنية وحدها قد يعمّقها إذا لم تقترن هذه الحلول بسياسات تنموية حقيقية تراعي المصالح المشتركة للبلدين بعيدًا عن المفهوم الضيق للمصلحة الوطنية، وفي كتابه (جوهر الأمن) قال وزير الدفاع الأمريكي ورئيس البنك الدولي الأسبق “روبرت ماكنمارا” أن (الأمن هو التنمية فالأمن ليس هو تراكم السلاح بالرغم من أن ذلك قد يكون جزءا منه، والأمن ليس هو النشاط العسكري التقليدي بالرغم من أنه قد يحوي عليه، إن الأمن هو التنمية وبدون التنمية فلا محل للحديث عن الأمن).

شاهد أيضاً

عيدكم مبارك وبالصحة والعافية

مر شهر الخير والغفران نسأل الله لنا ولكم القبول والعفو والمغفرة والعتق من النيران ، …