منصة الصباح

محروقة في الكيّاس

أحلام محمد الكميشي

 

التقيت بصديقتي “مُنيا” في تونس وكانت برفقتها صديقتها “منجية” التي تعرف ليبيا أكثر من الليبيين على حد قولها، خضنا (قرمة) نسائية تحولت إلى ما يشبه المنافسة على من يملك الخبرات الأكثر،

تفوقتُ في جولات وخسرت عندما أخذنا الحديث إلى التهريب، حيث ذكرت “منجية” أن ظروف المعيشة الصعبة مع فارق صرف العملة وانخفاض أسعار البضاعة في ليبيا يغري الكثيرين من البلدين وخاصة النساء للعمل في التهريب،

ويقوم المهربون باستبدال الفتاة التي (تنحرق في الكياس)، فقلت لها بثقة: (طبعًا الطريق طويلة والشمس حتأثر على بشرتها)،

لتنطلق موجة من الضحك، وعرفت أن القصد أنها مكشوفة للسلطات لتكرار السفر أو ضبطها ومصادرة بضاعتها، فإما أن تتوقف من تلقاء نفسها وتعهد بالمهمة للغير، أو يقوم الذي يشغلها مقابل نسبة من الأرباح باستبدالها بعنصر جديد يستمر في الرحلات حتى يحترق.

تكررت موجات الضحك كلما ألقيتُ عبارة تكشف جهلي بمصطلحات وخبايا هذا العالم الخفي، قلت:

(يقابلوا فيا سيارات خاصة معبية شاشات وأغذية وملابس في معبر (راس جدير) لكنها تتفتش بدقة والبضائع مكدسة على الرصيف، وطوابير سيارات الوقود تنتظر تحت الشمس)، قالت:

(إن كل المهربين يعلمون أن الإجراءات في هذا المعبر معقدة لذلك يفضلون معبر (وازن/ ذهيبة) حيث تمر البضائع يوميًا عبر سيارات نقل يؤجرها المهربون بمبالغ تتراوح بين 500-900 دينار تونسي مقابل الرحلة والتفرغ لمدة يومين لحساب المؤجر).

بعد الوصول لطرابلس والحجز في فنادق وسط البلد مقابل نحو 40 دينار لليلة، تنطلق السيارة منذ الساعة 7 صباحًا لأسواق الكريمية و الدريبي والحشان لجمع البضاعة المتفق عليها،

وقد يتم استئجار السيارة بالمشاركة، وعند المساء يجري تحميل كل السيارات أمام الفنادق، وتنطلق الرحلات مع الغروب، وفي الصباح تستكمل الإجراءات ويتم تسديد الضريبة للديوانة،

ويرتفع سعر البضاعة كلما زادت المسافة شمالا مرورًا بأسواق (الجم) ووصولا للزهروني وسط العاصمة، حيث تتكدس بضائع استوردتها ليبيا بالعملة الصعبة والاعتمادات مع منتجات من الجزائر، بعض الجوازات تُختم على الحدود كل 3 أيام، تارة ربح وتارة إتاوات وتارة خسارة كامل الحمولة مع الحكم بغرامة، استمعتُ ما بين شغف وحسرة وخيبة أمل، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

 

 

شاهد أيضاً

نوفا : إيطاليا تسجل في مارس الجاري ارتفاعا في الهجرة غير الشرعية

الصباح لا يزال عدد المهاجرين غير النظاميين الذين يصلون إلى إيطاليا عن طريق البحر في …