أحلام محمد الكميشي
انتشر فيديو لأطفال يعبرون عن أمنيات المستقبل، ومع أنها نفس أمنياتنا التقليدية تقريبًا في طفولتنا ولا أعلم ما هو الجديد خلاف أن غالبية المعلقين ركزوا على إجابة طفلة تتمنى أن تسدد أمها ديونها، وبعيدًا عن كون الفيديو عفوي أو لا، أعجبني أن أطفالنا مازالوا قادرين على نسج الأمنيات حتى وإن كانت صورة الحلم مشوشة وغير دقيقة، الأغلبية يرغبون أن يكونوا دكاترة ومهندسين دون فهم واضح هل يقصدون مهنة أم تخصص أم درجة علمية وهل الرغبة حقيقية أم مجاراة للمجتمع، قلة رغب بعضهم أن يكونوا معلمين أو محامين أو ذكروا تخصص محدد أو الانضمام للجيش والشرطة، حتى أن لغة الجسد وملامح وتعبيرات الوجه لكل منهم تشي بالكثير.
ما السبب الذي جعل أم الطفلة مديونة وما حجم هذا الدّين كي تحمل الطفلة همّه؟ وما عدد الأمهات اللاتي أكلتهن الديون أو ألقت بهن في السجون؟ وما عدد الأطفال الذين يشاركون الأهل همومهم وقلة حيلتهم في بلادنا؟
أين ذهبت أمنياتنا ونحن أطفال؟ ولماذا لسنا جميعا كما حلمنا (دكتور ومهندس)؟ هل العجز في منظومتنا التعليمية والوظيفية؟ أم غياب للبيئة المجتمعية المشجعة والداعمة؟ أم قصور في التخطيط والسياسات العامة للدولة؟ أم في رضوخنا لمنظومة عالمية غير مرئية تحاول حصرنا في بلد استهلاكي وليس انتاجي يصدّر مواده الخام وموارده الطبيعية ثم يستقبلها سلع وبضائع وخدمات؟ يبني الأسواق والمولات والمطاعم والمقاهي ويرسل مرضاه لكل بلاد العالم للعلاج لأن جل مستشفياته رغم الإنفاق السخي عاجزة عن تقديم احتياجاتهم الطبية واستيعاب كل الذين حلموا بأن يكونوا أطباء ذات طفولة؟ يبني المعسكرات ويغفل عن المصانع والمشاريع الهندسية والزراعية وبناء مدن جديدة تستوعب التضخم السكاني وتفتح المجال وفرص العمل لليبيين كانوا ذات يوم على مقاعد الدراسة يحلم كل منهم أن يصير مهندس ودكتور.
وكيف ستغدو أمنيات الأطفال في زمن الرقمية واسعة المدى مع تهاوي نماذج القدوة التي كانت على أيام الآباء والأجداد أمام شهرة وأموال نجوم التيكتوك واليوتيوب والمدونات والإعلانات ومنشئي المحتوى الجيد والرديء؟