صرّح وزير الدفاع التونسي “خالد السهيلي” خلال حديثه أمام البرلمان التونسي الثلاثاء الماضي بأن تونس لم ولن تسمح بالتفريط في أي شبر من الوطن،
دون أن يوضح ما يقصده بهذا الشبر ومعايير أحقيتها به، وذلك في معرض حديثه عن رسم الحدود بين ليبيا وتونس بواسطة لجنة مشتركة منوهًا إلى عزمه زيارة المنطقة للاطلاع على الوضع عن قرب، وأثارت تصريحاته استنكار الجانب الليبي على المستويين البرلماني والحكومي ناهيك عن المستوى الشعبي والإعلامي.
هذه التصريحات سبقتها تصريحات للرئيس التونسي “قيس سعيّد” خلال زيارته لمقر المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية في مارس 2023م مفادها عدم تحصل تونس إلا على الفتات القليل من حقل البوري، مع أن حقل البوري قد تم الفصل فيه من قبل محكمة العدل الدولية التي استندت ليبيا في دفاعها أمامها على الجيولوجيا وتحرك الطبقات الأرضية بينما استندت تونس على التاريخ والجيومورفولوجيا والحقوق التونسية في صيد الاسفنج، وأصدرت المحكمة في فبراير 1982م حكمها بتأكيد سيادة ليبيا على كامل الجرف القاري بأغلبية 10 أصوات مقابل 4، ثم حكمت في ديسمبر 1985م برفض الدعوى القضائية التي تقدمت بها تونس لإعادة النظر في الحكم الأول بقصد تعديله، وقد بدأ الحقل فعليًا في الإنتاج سنة 1988م.
تصريحات الوزير التونسي ردت عليها الخارجية الليبية ببيان أكدت فيه أن ملف ترسيم الحدود الليبية-التونسية، قد أُغلق بشكل كامل منذ أكثر من عقد من الزمن، من خلال لجنة مشتركة بين البلدين، وأصبح منذ ذلك الحين ملفًا مستقرًا وثابتًا وغير مطروح للنقاش أو إعادة النظر، كما استنكر رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس النواب الليبي “طلال الميهوب” تصريحات “السهيلي” محذرًا من المساس بالحدود بين ليبيا وتونس، متوعدًا بطرح موضوع هذه التصريحات في جلسة مجلس النواب الليبي القادمة.
وفي كتابه (الحدود البرية الليبية) يؤكد “د. مفتاح المسوري” أن الحدود راسخة ونهائية وأقيمت عليها أدلة كثيرة ما بين خرائط ووثائق واتفاقيات إقليمية ودولية مختتمًا أنه لم يعد في وسع كل من تونس أو ليبيا التشكيك في صحة وسلامة هذه الحدود أو خرقها أو الاحتجاج عليها لأنها عينت ورسمت باتفاقية من جهة، ولأن كلتا الدولتين عضو في منظمة الاتحاد الإفريقي الذي ينص ميثاقه على حصانة الحدود الموروثة عن الاستعمار واحترامها، ويقترح أن (تقوم السلطات الليبية المختصة بتكليف شركة تخريط دولية بالقيام “بتجسيد” الحدود المعينة وفقًا لاتفاقيات سابقة والمرسمة طبقًا لأعمال لجان مشتركة سابقة وأن تقوم ذات الشركة بإشراف من مختصين ليبيين بإعادة نصب ما تلف أو اندثر أو خرب من العلامات الحدودية السابقة مع كافة دول الجوار ).
لذلك أتساءل عن الهدف من هكذا تصريحات بين الفينة والأخرى من الجانب التونسي بدلا من السعي لتوسيع وتعزيز العلاقات الثنائية في كافة المجالات الاقتصادية والثقافية والأمنية وبما يخدم مصالح البلدين ويسهم في خلق دعم وتضامن ثنائي بشأن عديد الملفات الإقليمية والدولية وفي مقدمتها المتوسطية والمغاربية؟.