منصة الصباح

أب بعيد 4

ترجمة : مأمون الزائدي

10

 في ميناء الصيد الصغير بالقرب من انغول، تناولنا طعام الغداء المكون من سمك النازلي المقلي والسلطة الحارة أزيل البصل عن الطماطم، يا لي من أكول صعب الإرضاء.

شرب كريستيان نصف لتر من النبيذ الأبيض، ثم قبل عرض الصياد القيلولة على قاربه. غطى الطحان نفسه بأكياس وشبكة وطلب مني إيقاظه قبل حلول الظلام.

عندما تكون الفتيات جاهزات للعمل.

علينا أن نظهر في وقت مبكر، لأن الطلب مرتفع جدا في عطلة نهاية الأسبوع.

أذهب إلى المدينة، وأبدأ في النظر في واجهات المحلات. أرى الملابس المصنوعة من قبل الحرفيين المحليين، وأشياء مثل الأوشحة والقبعات والجوارب الصوفية الثقيلة. مجموعة شطرنج قطعها من الساموراي الياباني، تتقدم شاهرة سيفها وكرة قدم ذات جودة احترافية موقعة من قبل ليونيل سانشيز. ببغاء مكسيكي مصنوع من صفائح رقيقة من الفضة. ساعة بافارية مع اثنين من الصبية الراقصين في سراويل جلدية. صورة لمارلون براندو في فيلم الصاخب، يجلس على دراجة نارية مع سيجار غير مشتعل بين شفتيه. مجموعة من أوراق اللعب التي على ظهرها كلها صور من بورنو بلاي بوي.

وأرى أيضا بعض القفازات الملاكمة الجلدية الحمراء الرائعة.

كل الأغراض تقريبا التي أراها تتجاوز إمكانياتي، باستثناء ألبوم مغلف بالمخمل الأزرق مع نقش بحروف مذهبة: يوميات من حياتي. أطلب من صاحب المتجر أن يغلفه كهدية وأشتري علبتين من سجائر ريتشموند بالفكة أجد بقعة ظليلة في الزاوية، أتكئ على صنبور الحريق، وابتدئ التدخين.

أفتح كتاب ريمون كينو واستخدام قلم رصاص أحمر لتعليم الكلمات التي سأبحثها في وقت لاحق في قاموس لاروس الفرنسي-الإسباني.

11

 في غضون ساعة، لاحظت تلك البلدة الصغيرة التي تحركت فيها ببطء مثل ساعة، وأنا أحاول أن التفكير في بعض مناورات التخاطب الممكنة لاستخدامها مع الفتيات. لا شيء بارع بشكل خاص يتبادر إلى الذهن. وخطر لي أن غوتيريز قد يمكنه التعامل مع الوضع أفضل مما يمكن أن أقوله. لقد كنت مع البنات من قبل، ولكن أبدا لم نكن معا في السرير. زميلات الدراسة، والفتيات من الحي.

لا يوجد شيء يفضي إلى خفة الدم من كونك مدرسا في المحافظات. أمشي الى صالة السينما، التي على بعد خطوات قليلة. في السابعة مساء هذا اليوم، سيعرضون ريو برافو، بطولة جون واين، دين مارتن، وريكي نيلسون. الفلم القادم للأسبوع المقبل هو جامحة هي الريح، مع آنا ماغناني. في صورة ثابتة، جون واين، يرتدي شارة شريف على طية صدر سترته، وينظر في كتفي انجي ديكنسون العاريين وانجي تلبس تنورة نسائية تحتية قصيرة مع إجزاء من الدانتيل الأسود، وحواشي جواربها تمتد لتصل إلى ردفيها.

«ريو برافو هو فيلم عن أن تصبح رجلا»، كما يقول الإعلان. ربما لهذا السبب ظللت أحدق في الصورة لفترة طويلة، وعلى التي بجانبها أيضا: ريكي نيلسون، منحنياً، يحملُ مسدسا ينبعث من مخزنه قدرا هائلا من الدخان.

توقف عدد قليل من المارة لفترة وجيزة أمام الملصقات وثم واصلوا طريقهم، باستثناء رجل يضع قبعة من الصوف الأسود. كان يدفع عربة أطفال توقف ليشعل سيجارة، ونظر بلا اهتمام الى اللقطات الدعائية. في البداية لم أستطع أن أرى وجهه، لكنه وقف هناك يدخن لفترة طويلة لدرجة أنني تمكنت في نهاية المطاف من التعرف عليه وهو يلقي بعيدا عقب سيجارته، ويلتفت، ليسحقه تحت حذاءه.

وانا على وشك فقدان توازني، قبضت بيأس عربة الأطفال.

«أبي؟» صحت قائلا.

الرجل حدق بارتباك في العربة الصغيرة، وبعد ذلك فقط نظر في وجهي. تلك هي حواجبه السميكة، أنفه المعقوف قليلا، عينيه الخافيتان الرطبتان بعيدتي القرار، والأهم من ذلك كله، هذا خده، الموسوم بندبة من شجار قديم في حانة.

“ Jacques?Cest vraiment toi?”

جاك؟ انه أنت حقاً

«بالطبع أنا يا أبي».

نظر في كل الاتجاهات، مثل لص ضاق عليه الخناق بدا انه يريد التأكد من انه لا يحلم.

«ماذا تفعل هنا، يا صديقي؟»

«جئت لشراء هدية لطالب».

شعرت بحاجة هائلة لمعانقته وتنشق رائحة جلده، التي تفوح مثل سرج من الجلد.

«هل أنت مع والدتك؟»

«لا، يا أبي، هي ليست معي.»

تظاهر بأنه يربت على لطخة في جبهته، ولكنه في الواقع كان يمسح بشكل حاذق بعيدا السائل المزعج الذي تدفق من عينيه. ثم سحبني نحوه واحتضنني في عناق شديد لا أعرف لماذا، ولكني أردت ألا ينتهي ذلك العناق ابدا.

عندما تركنا بعضنا، سارعنا في وقت واحد بإخراج السجائر، ولكن والدي كان أسرع بولاعته وأشعل لكلينا أزال شيئا عن خده، ونظر في صورة جون واين مرة أخرى.

«ريو برافو. خلال الشهرين الماضيين، كنا نعرضه كل صباح سبت «.

«ماذا تقصد،» بكنا نعرضه يا أبي؟ «

«أنا اعمل هنا. ريو برافو فيلم شعبي جدا. هناك الكثير من الشراب في هذه المدينة، والناس تستمتع بمشاهدة عربيد مثل دين مارتن يجد خلاصه ويصير مناسبا مرة أخرى للركل «.

«كم مرة شاهدته؟»

«اثني عشر، خمسة عشر. بحسب هذا الشخص الصغير هنا «.

كان يشير الى الطفل الرضيع في العربة. نظرت إلى الطفل، وأبي يرفع عنه القبعة القماشية، التي تهدف إلى حمايته من أشعة شمس لا تظهر كان الطفل يبدو مألوفا الى حد مخيف.

«أعتقد أني أعرف هذا الوجه، يا بيير».

بلع أبي ريقه لوهلة، كما لو أحبطه صمتي كان يبدو شابا للغاية. انه والدي، لكن يمكنه أيضا أن يكون صديقي. مثل الطحان.

أضاف «انه أخيك».

«هذا الطفل؟»

«إميليو».

«مثل زولا.

«voila.comme Emile Zola «.

«لكنه … انه ليس أخ شقيق حقيقي.»

«اسمع، يا جاك، لقد جئت الى هنا واستقريت في أحلك زاوية في انغول. في مكب، في كهف. لم يعد لدي الكثير من الحياة، أهيم على وجهي في الظل. لم أكن أتصور أن يجدني أي شخص هنا. لم أكن أعتقد أني سأواجه ابني في هذه الجهنم الملعونة البائسة «.

«ما الذي تفعله هنا يا أبي؟»

«الذهاب هباءً.»

وأعاد القبعة الصغيرة مرة أخرى على رأس الطفل وحك خده ذو الندبة. كانت الندبة ملتهبة مرة أخرى، كما لو انها رد على نوع من الحساسية.

«من هي أمه؟» سألت، بهدوء يقارب الطبيعي، ولكن على وشك الإغماء، أو البكاء، أو الموت.

لم أعرف كيف ادخل إلى بعض التفاصيل.

بيير أطلق تنهيدة عميقة واستخدم عقب سيجارته، التي لم يتوقف عن مصها، ليشعل سيجارة اخرى نسي أن يعرض على ونسي أيضا أني أتحدث إليه. كان يتطلع في سماء انغول. ليس هناك جديد. غيوم قوية، متقلبة. يمكن للأمطار أن تهطل هذه اللحظة بالذات أو بعد ساعة من الآن.

«بابا؟»

«لا تنادني بذلك».

«حسنا، بيير».

« الكلمة التي استخدمها غادرة بلا حدود.»

« كنت دائما أناديك أبي قبل خيانتك لنا.»

«أنا الخائن؟ أنا؟»

في اندفاع أحمق، خطف الطفل من عربته، وضم اللفة الصغيرة بإحكام بين ذراعيه، ضغط خده غير الحليق على شفاه الطفل. دس سيجارته في فمي وتوقف للنظر في اللقطة الثابتة لدين مارتن. شهقت الدخان بعمق ونفخته بعيدا عن الطفل.

«إذا أنت لم تذهب إلى فرنسا، بيير؟»

«JAMAIS.»

«لقد كنت في انغول طوال الوقت؟»

«نعم فعلا. انغول، le petite Paris «.

«لماذا لم تذهب؟»

«لأنني أريد أن أكون بالقرب منك. وأمك.»

«أنت لم تكتب لنا «.

« لقد أعلنت نفسي متوفيا رسميا.»

« كان الطحان يعلم بذلك الليلة الماضية قال لي أنك لا تزال على قيد الحياة «.

«لابد انه كان ثملاً «.

«كنا ثملين معاً «.

دقت ساعة الساحة مشيرة الى السادسة. تحقق أبي من ساعته، ونوع من السلام يحل عليه.

«أنا أحب هذا الطفل.»

«بقدر ما تحبني؟»

«بقدرك، يا جاك.»

«ثم ذات يوم واحد ستقوم بخيانته».

«لم تكن خيانة.»

« ماذا كانت اذن، يا أبتِ؟»

مد ذراعيه في حركة قصيرة، كما لو أنه يدافع عن نفسه.

«كانت ذهولاً «.

«في عمرك؟»

«في عمري. أنا لن أعطيك تفسيرا لذلك. لم أكن أعتقد أني سألتقيك مرة أخرى ذات يوم، أو أي شخص آخر على أن أقدم له تفسيرا «.

«الطحان».

«كريستيان مرآة. أقف أمامه، ويصير أنا أنت تقف أمامه، ويصير أنت. بدون أن يبذل أي مقاومة. ولكنك-كنت بجد، جاك «.

«لقد فات الأوان بالنسبة لي، يا أبي. أنا أتحدث عن أخي «.

هز الطفل بين ذراعيه ووضع شفتيه على أذنه اليسرى، يدفئها بأنفاسه.

«أنا أغطيه كثيرا. المسألة هي انه، يمضي الكثير من الوقت في غرفة العرض، وهي رطبة بشكل رهيب هناك. لو سمعته يتنفس، لقلت إن به التهاب الشعب الهوائية «.

«غرفة العرض؟»

«كما قلت، أنا أعمل في صالة السينما هذه.»

ناولته ما تبقى من السيجارة وضغطت بأصابعي على جفني لتهدئة التهاب الملتحمة الذي كان يلتهم عيني.

«أنت عارض أفلام؟»

«انه مكان مظلم ومعزول لم يكن أحد ليجدني هناك ابدا لم اعتقد ابدا أن ابني قد يأتي للتجسس عليّ يوما ما «.

مسك أنفه وضغط عليه حتى أحمّر.

«على الرغم من أنني ذهبت مرة لكونتيولمو وتجسست عليك.»

«متى؟»

«أنا لا أتذكر. أحيانا أحلم بالسفر إلى كونتيولمو والتجسس عليك وعلى والدتك. لا أعرف متى ذهبت حقاً أو أنى كنت أحلم فقط بالذهاب «.

وضع إميليو مرة أخرى في العربة واخرج قطعتين من الورق المقوى من معطفه.

« هاتين اثنتين من التذاكر المجانية لصالة السينما. يمكنك استخدامها للعرض الصباحي اليوم، ريو برافو، أو العرض القادم مع أنتوني كوين يوم السبت المقبل «.

أخذت التذاكر ووضعها في سترتي. «

«هذا لطيف، يا أبي».

«هل ستدعو معك صديقة؟»

«بالطبع، يا بيير».

«سأكون في خدمتك.»

اخذ يعض معصمه، ولكني تمكنت من سماع تأوهه.

«و ماما؟»

« أنها على ما يرام.»

«على ما يرام جيدا؟»

«وقابل للاحتمال أيضا. مثلي يا أبي. أكثر أو أقل. ونحن على حد سواء جيدان بشكل يمكن تحمله«.

شاهد أيضاً

البرتغال تحتفل بالذكرى الخمسين لثورة القرنفل بمهرجان السريالية

وهو التحول السلمي للبلاد من إحدى أطول الحكومات الاستبدادية في أوروبا إلى الديمقراطية. كانت ثورة …