منصة الصباح
جمعة بوكليب

أبيض وأسود

جمعة بوكليب

زايد…ناقص

روايةُ “المتعاطف” للكاتب الفيتنامي الأميركي فييت ثاناه نجوين-Viet Thanh Nguyen رواية مميزة فازت في العام 2016 بجائزة البوليتزر للرواية.

خلال قراءتي لها مؤخرًا، استقوفتني جملةٌ في منولوج لبطل الرواية وهو يصف ابنة الجنرال الذي كان رئيسه قبل هروبهم من فيتنام، بعد وقوعها في أيدي الشيوعيين. الفتاةُ تغيّرت بعد وصولهم أميركا، وصارت مغنّية. يلتقيها في حفل زواج أحيته بالغناء، ويتعارفان مجددًا. تأتي أم الفتاة وتسوقها بعيدًا عنه بغضب، وكأنها تنقذها من خطيئة. لكنها تزوره في الحلم مرتدية زيّاً فيتناميًا مدرسيًا أبيض اللون.

يقول بطل الرواية:” أدركتُ أن اللونَ الأبيض ليس فقط لون النقاء والبراءة بل هو أيضًا علامةٌ على الحزن والموت.”

علاقةُ البياضِ بالحزن وبالموت ذكرتني بـ ” وقدات” الكاتب الليبي المرحوم عبد الله القويري، التي نشرها مسلسلة في حلقات، على صفحات جريدة الاسبوع الثقافي في السبعينيات من القرن الماضي.

في حلقة منها يتذكر المرحوم عبد الله القويري سنوات طفولته مهاجرًا مع أسرته في احدى قرى الريف المصري، وبدايات وعيه باختلافهم عن جيرانهم المصريين، من خلال ملاحظاته اليومية. فهو، على سبيل المثال، يلاحظ أن جاراتهم المصريات عند الموت يرتدين السواد تعبيرًا عن حزنهن.

في حين أن أمه ترتدي البياض! البياض الذي ذكّر الشاعر المصري المرحوم أمل دنقل في مرضه بالمستشفى بلون الكفن.
الاختلاف في التعامل مع الموت والحزن، باللونين الأبيض والأسود، في نفس المكان، كان آنذاك بداية وعي الطفل عبد الله باختلاف عائلته عمن حولها من عائلات مصرية، وبانتمائه إلى ثقافة وهوّية مختلفتين. فهل ما تزال النسوةُ في مصراتة مثلاً يرتدين البياض علامة على الحزن والموت؟ الغريب أنني خلال ما عشته في طرابلس من حياة لم أصادف أحداً من الجنسين يرتدي البياض أو السواد علامة على الحزن والموت.

لماذا ياتُرى من بين كل الألوان، اتفق البشرُ تلقائيًا على اختيار اللونين الأبيض والأسود ليكونا علامة على الحزن والموت؟

شاهد أيضاً

هاشم شليق

هل آتاك تاريخ ليبيا؟

هاشم شليق عرض خبير وعالم الآثار الأمريكي كارل تويتش عبر فيديو رسومات ليبية منقوشة في …