بقلم : آمنة الهشيك / أستاذة قانون
ورد النص على جريمة الإخفاء القسري ضمن اتفاقية دولية والتي تعد الدولة الليبية أحد أطرافها، تحت عنوان “الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ” المعتمد في ديسمبر من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها (133/47)ودخلت حيز التنفيذ سنة (2010) وتعد الاتفاقية واحدة من أقوى معاهدات حقوق الإنسان ،لخطورة ما تشكله هذه الجريمة من انتهاك صارخ لحق الإنسان في العيش بسلام، ولما فيها من بث الرعب داخل المجتمع.
فما المقصود بالاخفاء القسري ؟ وماهي أهم بنود هذه الاتفاقية ؟ وهل يوجد نصوص صريحة تجرم هذا السلوك في القانون الليبي ؟
يقصد بالاخفاء القسري بحسب نص المادة (2) من الاتفاقية الدولية “بالاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون”.
فميثاق الأمم المتحدة يفرض على الدول الأطراف ضمن (45 مادة) الالتزام بضمان حق جميع الأشخاص في عدم التعرض للإخفاء القسري وحق من وقع ضحية لهذه الجريمة في العدالة و التعويض وعقد العزم على ملاحقة الجناة وعدم الإفلات من العقاب.وحق الضحية وذويه في معرفة الحقيقة بشأن ظروف اختفائه وضمان حقه في حالة الاشتباه بإخفائه ، لأن الضحية يصبح عاجزا عن القيام بذلك بنفسه .كما أكدت الاتفاقية على الدول الأطراف في المادة رقم(9) على أن تتخذ كل دولة طرف بانعقاد اختصاصها للبث في الجريمة واتخاذ كافة التدابير اللازمة عند لمكافحتها ،إذا كانت داخل إقليمها وكان مرتكب الجريمة أو المختفي أحد رعاياها .ما لم تسلمه إلى دولة أخرى أو إلى المحكمة الجنائية الدولية وفقا لالتزاماتها الدولية .
أقر القانون الليبي بضرورة مكافحة هذه الجريمة في القانون رقم (10) لسنة 2013 تحت عنوان (تجريم التعذيب والإخفاء القسري والتمييز )ونص بشكل صريح على جريمة الإخفاء القسري في المادة رقم(1)”يعاقب بالسجن كل من خطف إنسان…بالقوة أو بالتهديد أو بالخداع “وحدد عقوبة للجناة واعتبر هذا الفعل (جناية)عقوبتها السجن ،وتضاعف بمدة لا تقل عن سبع سنوات في حال ارتكب الفعل:
1/ ضد الأصول أو الفروع أو الزوج
2/ ارتكبت من موظف عمومي ويعد في هذه الحالة متعديا حدود سلطته .
3/ إذا وقعت بقصد الحصول على مقابل . كما تكون العقوبة السجن لا تقل عن عشر سنوات إذا نتج عنه إيذاء جسيم .
ولعل هذه الظاهرة تعد من أخطر الأزمات التي يعاني منها القضاء الليبي في عجزه عن ملاحقة الجناة .