منصة الصباح

الابتزاز الإلكتروني ضد المرأة بين الواقع والمأمول

بقلم: آمنة الهشيك – أستاذة قانون

تعد وسائل التواصل الاجتماعي أو الشبكات أحد أهم المكونات الفاعلة في المجتمع الحديث، إذ وفرت لنا العديد من الإيجابيات، لكنها في المقابل، تعج بالسلبيات التي خلفت آثاراً عديدة نتيجة الاستخدام السيء لها. فما المقصود بالابتزاز الإلكتروني؟ وما هي الأساليب المتبعة لاستدراج الضحايا؟ وما هي الآليات التي يجب اتباعها للقضاء على هذه الظاهرة؟

انتقلت بعض الجرائم من العالم الواقعي إلى العالم الافتراضي، والذي يُصطلح على تسميته بالجريمة الإلكترونية. ويعد “الابتزاز الإلكتروني” أحد هذه الجرائم، وهو أحد صور التهديد، إذ يقوم الجاني بتهديد وترهيب ضحيته بنشر صور لها أو معلومات سرية عنها مقابل مالي أو مقابل أعمال غير مشروعة. يتصيد الجناة ضحاياهم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك أو تويتر وغيرها. يزداد ابتزاز المرأة في ظل تزايد عدد المستخدمين لمواقع التواصل والتطور المشهود في أعداد البرامج.

في غالب الأحيان، يكون الجناة في هذا النوع من الجرائم من ذوي الانحرافات الأخلاقية والخلل في الحياة الاجتماعية، مما يسبب لهم هشاشة نفسية، ويحاولون تعويض هذا النقص بالبحث عن ضحية لاستغلالها أو للانتقام والتشفي. يستغل الجناة صغر سن الضحية، وجهلها بخطورة سلوكياتها، أو ما تعانيه من إساءة المعاملة الأسرية وغياب السند، أو جهلها بالاستخدام الآمن لمواقع التواصل الاجتماعي، مما يعرضها لانتهاك الخصوصية ويجعلها عرضة للابتزاز.

يُوصف هذا الفعل بأنه نموذج من نماذج إساءة استخدام التكنولوجيا، لما له من آثار نفسية واجتماعية سيئة على الضحية. يزيد خوف الضحية من التعرض للابتزاز، والذي قد يؤدي في بعض الأحيان إلى الانتحار. مما يسهل على الجناة إسقاط العديد من الشابات في شباك هذا السلوك.

الكشف عن هذا النوع من الجرائم يحتاج إلى خبرة في المجال التقني بالدرجة الأولى، إذ تتطلب وسائل إثباتها دقة وخبرة لسهولة إخفائها من قبل الجاني. كما يحتاج التحقيق فيها إلى سرية تامة، نظراً لما يتمتع به المجتمع الليبي من خصوصية ومحافظة، كوننا مجتمعاً ملتزماً تحكمه العادات والتقاليد.

لذلك، لابد من إنشاء سلطة خاصة للتحقيق في مثل هذه الجرائم، وأن تكون من عنصر النساء بحيث يكن مؤهلات للتحقيق في جرائم الابتزاز، مراعاةً لحساسية هذا النوع من القضايا وتحفيزاً للضحايا على الحديث بحرية، وعدم الخوف من المبتز أو من المجتمع المحيط بهن. كما يجب أن تُفرد نصوص خاصة تجرم هذا السلوك، بتفعيل قانون الجرائم الإلكترونية، وأن تكون العقوبات رادعة لكل من تسول له نفسه ابتزاز أي امرأة واستغلال ضعفها وخوفها من ردة فعل أهلها جراء الفضيحة.

يجب نشر التوعية اللازمة بكيفية التعامل مع التطبيقات الجديدة، لا سيما وأن هناك تحديثات آلية جديدة كل يوم، وتقديم الإرشاد والنصح من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال ورش عمل لتوعية النساء في حال تعرضهن للابتزاز وتوخي الحذر من الوقوع في مصيدة المبتزين. كما يجب أن تستهدف التوعية الأمهات بأن يكون استخدام هذه البرامج تحت مراقبتهن، ذلك أن الضحايا غالباً ما يكن من صغار السن.

شاهد أيضاً

كلام جميل ولكن!

عبد الرزاق الداهش قرار وزير التربية والتعليم بشأن تطبيق نظام اليوم الكامل هو على رأي …