منصة الصباح

جرائم السب عبر مواقع التواصل الاجتماعي وموقف القانون الليبي

بقلم :آمنة الهشيك / أستاذة قانون

تعد مواقع التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية فهي ساحة لتعزيز التواصل و تقاسم المعرفة و وتبادل الآراء البناءة ، إلا أن البعض يجدها أرض خصبة لتصفية الحسابات من خلال جمل إساءة تحمل في طياتها سب وقذف تعد ماسة بسمعة المجني.

فما المقصود بجريمة السب ؟ وما هي العقوبة المقررة في القانون الليبي ؟ وهل يجب النص عليها في قانون خاص ؟
ورد النص على تجريم هذا السلوك في المادة (438) من قانون العقوبات الليبي ، ويتحقق “بتوجيه عبارات تتضمن خدش شرف شخص أو اعتباره في (حضوره ) كقول شخص لآخر(أنت سارق أو نصاب) ، ويستوي أن ترتكب بالهاتف أو المحررات أو الرسوم ولو كانت هذه العبارات غير مباشرة وإنما تحمل في طياتها احتقار وشتم للمجني عليه ، وتتحقق الجريمة كذلك عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي على الرغم من عدم نص القانون (5) من الجرائم الالكترونية ، إلا أنه بحسب نص المادة (49) ، أشار بالرجوع إلى قانون العقوبات ما لم يرد به نص ، المهم أن يعي الجاني أن هذه العبارات تحط من كرامة الشخص طالما أن المجني عليه موجودا في ذات المجال الذي يمكنه من إدراك هذه العبارات المسيئة له على حسابه .

ومن حيث العقوبة ، يعاقب مرتكب الجريمة بحسب ما ورد في النص (بالحبس مدة لا تقل عن أربع وعشرين ساعة ولا تزيد عن ستة أشهر أو غرامة لاتزيد عن خمسين دينار )
كما تشدد العقوبة إذا أسندت للجاني واقعة معينة كأن يتهم المجني عليه بأنه يتخذ من عمله مكان لبيع المخدرات لأشخاص محددين مثلاً وفي هذه الحالة تكون العقوبة ” الحبس لا تجاوز سنة أو غرامة لا تجاوز أربعين دينار ) ، كما أن القانون لا يتطلب فيها وقوع نتيجة معينة لذلك فهي من جرائم الخطر إذا أن الجريمة تقع بمجرد حصول السب.

و تشدد العقوبة من قانون العقوبات الليبي إذا وقعت جريمة السب على (الموظف العام ) وهو من أنيط بعمل من الدولة إلا أنه يعفى الفاعل من العقاب في حالة إذا ما أثبت صحة ما أسنده للموظف العمومي وليس مجرد كلام مرسل ، ولا تقام الدعوى إلا بشكوى من المجني عليه م(441)،وفي كل الأحوال تكييف الواقعة و تقدير ما إذا كانت العبارات تعد إهانة وتمس سمعته يختص بتقديرها قاضي الموضوع .

ونرى أن هذا الفعل أصبح ظاهرة في المجتمع الليبي نتيجة ما يخلفه من مساس بسمعة المجني عليه ومكانته الاجتماعية لاسيما وأن هناك اعتقاد سائد لدى البعض أن ارتكاب الفعل عبر هذه الوسائل لا تطالها يد القانون مما يؤدي إلى إفلات العديد من العقاب ، لذلك باتت الحاجة ضرورية وملحة بأن تقرر لها عقوبة متناسبة مع السلوك المرتكب لخطورتها كالقانون المصري الذي أقر لها عقوبة (الحبس لا تقل عن 34 ساعة ولا تزيد عن ثلاث سنوات بالإضافة إلى غرامة لا تزيد عن 20 ألف جنيه ، إلى جانب تعويض إذا وجد ضرر يصل إلى مليون جنيه ، والقانون الإماراتي الذي أقر لها في (قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية رقم 34 لسنة 2021 المادة (43) عقوبة (الحبس والغرامة لا تقل عن 250.000 ولا تزيد عن 500.000 درهم ، واختصاص جهاز يصطلح على تسميته ب(جهاز مكافحة الجرائم الإلكترونية ) للكشف عن هذه الجرائم وقبول البلاغات والشكاوى على أن يكونوا مدربين ومؤهلين ، فإثبات الجرائم الالكترونية يحتاج إلى جهات متخصصة ملمة بالعالم الرقمي ، ذلك أنه لا يمكن في كل الأحوال تطويع النصوص القانونية العامة لمعالجة هذا السلوك فالجرائم الإلكترونية تختلف عن غيرها من الجرائم من حيث الوسيلة ومن حيث كيفية الإثبات

شاهد أيضاً

تنظيم يوم علمي حول الإيدز بجامعة غريان

نظم المركز الوطني لمكافحة الأمراض، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومكتب كلية الطب البشري بجامعة …