بقلم : آمنة الهشيك / أستاذ قانون .
هناك خطأ يقع فيه البعض وهو الخلط بين الباعث أوالدافع لارتكاب الجريمة،وبين حالات الانفعال والهوى التي تعترض الجاني أثناء ارتكاب الجريمة . فالدوافع إن كانت خيرة أو شريرة هي الظروف التي دفعت الجاني لارتكاب الجريمة لا تؤثر في طبيعة الفعل المكون للجريمة ولا تؤثر في الوعي والإدراك أثناء الجريمة، وإن كانت تكشف عن الخطورة الإجرامية للجاني ، فالدوافع تستثار بمنبه داخلي قبل ارتكاب الجريمة .
أما حالات الانفعال والهوى هي مشاعر كره وغضب أو عاطفة تعترض الجاني أثناء ارتكاب الجريمة فتؤثر فيه من الناحية الفسيولوجية والسيكولوجية ، أي تؤثر على أعضاء جسمه مما تضعف قوة الشعور والإدراك لديه أثناء ارتكاب الجريمة ، فتجعله ينساق خلف مشاعره غير مكترث بعواقب سلوكه ، وبالتالي فالانفعال يختلف تماما عن الباعث .لذلك حسم قانون العقوبات الليبي هذه المسألة بنص صريح في المادة (95) ” لاتعفي حالات الانفعال والهوى من المسؤولية الجنائية ولا تنقصها “بمعنى أنه يسأل جنائيا كما لو كان كامل الإدراك والوعي .
إلا أنه في ذات القانون خرج عن هذه القاعدة وأورد استثناءات بنص خاص ، كما في نص المادة (375) كما في نص المادة ” من فوجيء بزوجته أو أمه….” حيث اعتبر حالة الانفعال والاستفزاز للرجل سبب ملائم لتخفيف العقوبة له بحكم القانون . وأيضا في المادة (443) ” ” لا يعاقب الشخص إذا ارتكب أحد الأفعال المنصوص عليها ( في نصوص السب والتشهير ) وهو في حالة غضب فور وقوع اعتداء ظالم عليه ”
وبهذا نجد القانون الليبي لا يعتد بحالات الانفعال والهوى إلا ما استثني منها بنص خاص ، فالخاص يقيد العام . ومع ذلك يمكنه الاستفادة من نص المادة (29) من قانون العقوبات الليبي التي منحها القانون للقاضي الجنائي ” إذا استدعت ظروف الجريمة رأفته …..” على أن يكون حكمه مسببا .و باعتبار أن القاضي بسلطة واسعة في تقدير العقوبة الملائمة.