منصة الصباح
د.علي المبروك أبوقرين

آثار الحروب والكوارث.على الصحة العربية

أثرت الحروب والنزاعات والصراعات المسلحة على النظم الصحية ، وادى ثأثيرها إلى خسائر بشرية ومادية جسيمة ، وطال التدمير البنية التحتية الصحية ، وخسرت معظم الدول التي مرت بالصراعات المسلحة أعداد كبيرة من المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية ومخازن الأدوية بنسب تتراوح من 30 إلى 80% من ما تملك ، وطال التدمير سيارات الإسعاف والانقاذ والاخلاء الطبي وشبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء الضرورية لتقديم الخدمات الصحية ، وفقدت معظم تلك الدول العربية المئات من الكوادر الطبية والتمريضية والاسعافية والفنية ، وتوقف الإنتاج الدوائي لبعضها ، وادت الحروب والصراعات إلى انهيار المنظومات الصحية وإلى تدهور الخدمات الصحية , ونقص الإمدادات الطبية ومواد التشغيل والاعاشة والنظافة ، والهجرة الجماعية للكوادر المؤهلة ، وواقع القوى العاملة الصحية العربية متدني جدا عن المعايير العالمية ، ففي أحسن الدول المستقرة لا تتخطى معدلات القوى العاملة الصحية نصف المطلوب في حده الأدنى ، وتعكس أرقام الخسائر حجم الكوارث الصحية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها الدول المثأثرة بالنزاعات والحروب والكوارث ، والتي انهارت فيها الثقة في النظام الصحي العام ، وارتفعت تكاليف العلاجات مما أدى إلى الآثار الصحية الخطيرة على المجتمعات وزادت معدلات الوفيات في الأطفال دون الخامسة والأمهات ، وزادت معدلات الأمراض المزمنة وانتشار الأوبئة ( الكوليرا والسل والالتهاب الكبدي والملاريا وحمى الضنك والحصبة وغيرها ) وتدهورت الصحة النفسية والعقلية في الوقت الذي تعاني فيه معظم الدول العربية من نقص حاد في مراكز العلاج والتأهيل النفسي والدعم النفسي الاجتماعي ، والنقص الحاد في الكوادر المؤهلة لذلك ، وبالضرورة يحدث تراجع حاد في المؤشرات الصحية الوطنية وانخفاض متوسط الأعمار المتوقع ، وتراجع ترتيب تلك الدول في المؤشرات العالمية للتنمية البشرية والصحة العامة ، وللأسف معظم الدول التي تمر بالصراعات نجمت عنها موجات عالية من النزوح والهجرة والتي خلقت تحديات أخرى للنظم الصحية لذات البلدان وللبلدان المستضيفة وما تعانيه المخيمات من أنتشار للأمراض المعدية وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية مما زادت معدلات الأمراض والوفيات ، وتمر معظم البلدان التي تعاني من الحروب والصراعات بنقص في التمويل والاعتماد على المنظمات الاغاثية ، وسوء توزيع للموارد ، وينشط تهريب الأدوية والمعدات ، وتغرق بالأدوية المغشوشة والمزورة ، وتفتقر تلك الدول للحوكمة والرقابة مع غياب البيانات والمعلومات الصحية الدقيقة ، ولخطورة الأوضاع الصحية في عدد كبير من الدول العربية التي تمر بهذه الظروف ،
– على العالم العربي أن يسارع في وضع رؤية لبناء نظام صحي عربي موحد في الحد الأدنى قادر على الصمود في وجه الأزمات ،
– ⁠والقيام بإصلاحات هيكيلية جادة ،
– ⁠والاهتمام بالرأس المال البشري ، والاستثمار في التعليم والتدريب الطبي وزيادة المؤسسات التعليمية ومضاعفة أعداد المقبولين ، وإعتماد مناهج واساليب وطرق حديثة متطورة تواكب تطور الطب ، والتركيز على التدريب العملي بالتقنيات والتكنولوجيا للمحاكاة والتدريب السريري العملي ،
– ⁠وانشاء مراكز عربية مشتركة للتدريب الطبي والتمريضي والفني من خلال جامعات عريقة ، واتفاقيات تبادل طلابي وتدريبي

– ⁠ودعم البحث العلمي وتخصيص التمويل المشترك اللازم له ،
– ⁠ووضع السياسات التعليمية لمؤامة المخرجات لإحتياجات المجتمع والنظام الصحي الوطني ،
– ⁠وإنشاء مجلس التعليم الصحي العربي لوضع معايير موحدة للإعتراف بالكليات والتخصصات، ،
– ⁠وإستراتيجية عربية مشتركة لمواجهة التحديات الصحية ، والتي تشمل أيضًا الكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية والصحية ( الأوبئة والجوائح ) ،
– ⁠وإطلاق صندوق عربي موحد لإعادة إعمار القطاع الصحي بالدول المتضررة ،
– ⁠وبناء قاعدة بيانات صحية عربية تشمل المؤشرات والكفاءات والبنية التحتية الصحية لتأسيس تكامل صحي عربي ،
– ⁠ووضع ميثاق صحي عربي يضمن الحد الأدنى من المعايير والحقوق الصحية ،
– ⁠وانشاء هيئة عربية دائمة للصحة العامة والطوارئ الصحية للاندار المبكر والتنسيق في الأوبئة والكوارث ،
– ⁠وبناء شبكة لوجستية صحية عربية لتوزيع الإمدادات في الطواريء ،
– ⁠وتدريب فرق إسعاف وإنقاذ متخصصة في العمل بمناطق النزاعات والكوارث ،
– ⁠مع ضرورة ترسيخ مبداء الصحة في جميع السياسات ، ودمج البعد الصحي في السياسات القطاعية ، ( التعليم والاقتصاد والبيئة وغيرها ) ، وهذا يتطلب تطوير عمل مجلس وزراء الصحة العرب ، وايجاد اليات تنفيذية ونظام متابعة وتقييم شفاف عبر مؤشرات مرحلية تتطور ، والتأكيد على تحسين بيئات العمل والمهايا والحوافز المالية والمعنوية ، وتعزيز حماية العاملين الصحيين والمرافق الصحية للحد من هجرة الكوادر والكفاءات الطبية العربية ،
إن بناء نظم صحية عربية قوية ومرنة وفعالة ومنصفة مهمة لأمة واعدة بأن تحقق مؤشرات تنموية متقدمة ومستدامة ، وتتمتع بصحة وعافية ورفاه .

د.علي المبروك أبوقرين

شاهد أيضاً

جمعة بوكليب

” شلبوخ” تاريخي

جمعة بوكليب حِقبةُ الذكاء الاصطناعي تمثل قفزة إنسانية هائلة إلى الأمام في عالم تقنية المعلومات. …