منصة الصباح

وشم على الذاكرة

بوضوح

بقلم / عبد الرزاق الداهش

كانت ايطاليا تتمنى أن تضع السلطة في يمين عمر المختار، والمال في يساره، مقابل أن يلقي بندقيته في أول مغارة بمنطقة الكوفة، وينام على الجانب الذي يعجب روما.

وكان هذا كل بحثت إيطاليا عنه في السماء السابعة، ولم تجده على الارض الليبية.

وكان كثيرون جدا من يهمهم أن يعيشوا ولو على حساب الوطن، ولكن عمر المختار كان يهمه الوطن ولو على حساب عيشه.

لم يختر هذا الرجل الاستثنائي أن يكون حاكما، ولم يختر أن يكون مالكا، ولم يختر الحصول على مرتب تقاعدي مريح من خزينة ايطاليا، لقد اختار عمر المختار فقط أن يكون عمر المختار.

لهذا ذهبوا جميعا، واحترقوا جميعا في مستودع النسيان، وظل عمر المختار، وشما على ذاكرة ضمير شعبي عصيا على التغاضي.

فمن تستدعي ذاكرته اليوم أسم العسكري الإيطالي الذي وضع الحديد في يد عمر المختار، أو ملامح القاضي الذي أصدر حكم الإعدام، أو عنوان مقبرته؟

لقد ماتوا جميعا آلاف الموتات، وسقطوا جميع آلاف السقطات، بينما ظل عمر المختار يولد كل يوم في كل قلب لا يحمل جواز سفر إيطالي.

كانوا يتصورون أنهم يحاكمون عمر المختار، ولا يدرون بأنه هو من كان يحاكمهم.

وكانوا يتخيلون أنهم يقتلون عمر المختار، ولا يدرون بأنه هو من كان يقتلهم.

رجل أعتز بوطنه كثيرا لدرجة الموت، فأعتز به الوطن كثيرا لدرجة الحياة.

فكم من الاموات أحياء، وكم من الاحياء أموات؟

شاهد أيضاً

فتح أبواب المدارس أيام السبت لطلبة شهادتي الأساسي والثانوي

  الصباح وجه وزير التربية والتعليم موسى المقريف اليوم كتابا الي مراقبي الوزارة بالبلديات، وجه …