منصة الصباح

هل الشعوب ناقصة عقل و دين؟

نقطة بيضـــاء

بقلم / مريم سلامة

حتى يتم التلاعب بها على هذا النحو؟
ليــس فقــط فــي الصومــال, اليمــن, ســوريا, وليبيــا و إنمــا أيضــا فــي روســيا, و أمريــكا و بريطانيــا العظمــى بدرجــات متفاوتــة طبعــا.حتــى يبــدو الشــعب مجــرد مصطلــح أجــوف لــولا الفــرد. النبــي, الأميــن, العــارف, المصلــح النيــر الــذي يجعــل مــن حواسـه مـرآة الشـعب و سـر قوتـه. ولكـن مـاذا يحـدث عندمـا يختـار هـذا الفـرد المشـوار القصيـر: الثـروة والجـاه و يصبـح فـي الطـرف الأخـر ممثـا عـن الثلاثـي الخالـد: السـلطة البـوق الســوط؟ ألا يصبــح الطــرف الأول مجــرد كتلــة صمــاء فــي انتظــار دائــم لمثــل هــذا الفــرد؟منـذ ظهـور الجماعـات وبنـاء المـدن ظـل الزعيـم أو الطـرف الأخــر منكبــا علــى كيفيــة ضبــط هــذه الجماعــة المحكومــة بأمـره.

سـانده فـي ذلـك (أفـراد) متميـزون بالفكـر مـن ساسـة وعلمـاء اسـتمروا علـى مـر الزمـن يجـدون فـي إيجـاد الطرائـق الفاعلــة, فكلمــا انكشــف أمــر واحــدة جــيء بأخــرى.

ويجلــس الحاكـم علـى كرسـيه مطمئنـا إذا مـا اجتمـع فـي جيبـه الخرقـة الحمــراء التــي تجعــل الشــعب يثــور, و الــزر الــذي يــرده إلــى ســكينة البركــة الأســنة بمســاعدة ( فــرد)مفكــر داهيــة أو إعلامــي متواطــئ.

ويظــل تجــاذب هاتيــن الوســيلتين (الخرقــة و الــزر) بيــن الحاكــم و معارضيــه فــي منتهــى الخطــورة, عبــر عنهـا معمـر القذافـي فـي جملتـه: “أحـب الجمـوع و أخشـاها”.

أن يخشــى ثــورة جمــوع جهلهــا عــن علــم بخطورتهــا.فــي روايــة (النشــيد) تذهــب الروائيــة الأمريكيــة الروســية الأصــل ايــن رانــد 1905 -1982 ayn rand فــي خيالهــا بعيــدا, حيــث يتحــول الفــرد مــن حالــة فرديــة يتــم التعامــل مهــا وفــق خطورتهــا إلــى ســاح مدمــر أو وبــاء كاســح يهــدد البشــرية, يجــب نســفه برمتــه مــن خــط ســير الحضــارة.

فــي هــذا المجتمــع العالمــي الجديــد ينتهــي الفــرد و تختفــي معــه الأنــا. تتبنــى الدولــة الجديــدة شــعار (نحــن العظيمــة), وهــي مـن يسـرد فصـول هـذه المأسـاة, حيـت تعيـش (نحـن)عصـر مــا بعــد حضــارة اليــوم وتتحــول الأنــا وأخواتهــا الجميــات إلـى أرقـام بشـعة وخانـات مسـيرة بدقـة لا تتفـق إلا مـع آلات وليـس بشـر. تنتمـي نحـن, صـوت الروايـة و بطلهـا, إلـى خانـة المتميزيــن جســديا و معنويــا, الذيــن كانــوا مصــدر إزعــاج مجلـس الحكمـاء. كانـت نحـن تتوقـع أن يتـم إرسـالها إلـى دار الباحثيـن أو علـم الأشـياء ولكـن تـم تكليفهـا بكنـس الشـوارع و هنـاك اكتشـفوا الثقـب الـذي يـودي إلـى الغابة فسـرقوا الشـموع مـن دار العلمـاء, و كانـت حتـى ذلـك الحيـن أفضـل اختراعاتهـم! وعلـى ضوئهـا شـاهدوا بقايـا حضـارة ومدنيـة الازلت صالحـة ولكـن تـم حجبهـا إمعانـا فـي تجهيـل نحـن و السـيطرة عليهـا. ولكــن هــؤلاء الفتيــة المتميزيــن عاينــوا و لمســوا هنــا, علــى أطـال هـذه الحضـارة, جمـال (أنـا أكـون) (أنـا سـأفعل) و يـاء الملكيـة الفرديـة (سـمائي و غابتـي و الأرض ملكـي).

وتصفحـوا الاول مـرة الكتـب, وعرفـوا اسـتخدام الكهربـاء وتشـغيل آلالات الكهربائيـة. و هنـاك عرفـوا أيضـا ضـرورة أن يكـون للفـرد اسـم و اختـار نحـن اسـم بروميثيـوس سـارق النـار, الـذي قـرأ قصتـه فــي إحــدى هــذه الكتــب واختــارت رفيقتــه اســم إلهــة الأرض. فهــل تكتفــي (نحــن) بهــذا التحــول الرهيــب فــي شــخصيتها أم تقــود الثــورة ضــد هــؤلاء القتلــة , بعــد أن عاشــت تجربــة (انــا) بحالوتهــا و مرهــا ؟ مــن اجــل حريــة كل البشــر, حفــر بروميثيـوس فـي الجـدار كلمـة واحـدة مقدسـة هـي ” أنـا”.

وقـاد ثـورة نحـن مـن اجـل أنـا.ونحـن فـي ليبيـا ألان أحـوج مـا نكـون إلـى هـذه الأنـا, غيابهـا المـر يفسـر مـرارة الواقـع بحذافيـره, وهـو ببسـاطة مـا يحـدث التـو حيـث ينقسـم الشـعب علـى نفسـه إلـى طرفيـن كلمـا ظهـر خلاف تزعمـه طرفـان, أو تصاعـد هـذا الخـلاف إلـى حـرب بيــن فريقيــن. كل فريــق يتحــدث باســم هــذا الشــعب و يجعــل حمايتـه و الدفـاع عـن مصالحـه, هـي هدفـه الـذي لـن يتزحـزح عنـه حتـى أخـر (فـرد) فـي هـذا الشـعب!.

حـدث ذلـك بوضـوح فـي 2011 و اسـتمر علـى نحـو أسـوء حتـى ألان. وفـي كل كارثـة سياسـية أو دمويـة يتفـق أطرافهـا علـى رعايـة هـذا القاصـر, الـذي يسـرع منحـازا إلـى هـذا الطـرف أو ذاك منقسـما علـى نفســه فــي داخــل الأســرة الواحــدة و الشــارع الواحــد دون أن يرفــع ســؤالا مشــروعا, قــد يبــدو ســاذجا” لمــاذا تنقســمان إذا كان هدفكمــا واحــد وهــو رعايتــي و رعايــة مصالحــي؟” .

بــل يدافــع كل (فــرد) عــن فريقــه, فــي كل اجتمــاع عائلــي أو شـارعي, بضـراوة شرسـة قـد تـؤدي إلـى صـراع بالأيـدي, حتـى انتهــى الأمــر إلــى تجنــب الحــوار مــن أساســه حتــى يتفــادى (أفــراد) الأســرة الواحــدة القطيعــة وأســباب التوتــر.

إن غايــة الفريقيــن المتصارعيــن هــي الســلطة وهــي غايــة تســيل مــن اجلهــا الدمــاء, أمــا غايــة الشــعب فهــي الحيــاة الكريمـة وعلـى مقيـاس مـن 1الـى10 قـد يرضـى الشـعب بأقـل مــن 5 .وفــي هــذه الحالــة فــإن ســباق الغايــات يدخــل عــراكا غيــر عــادل علــى الإطــلاق, يدفــع ثمنــه الشــعب ســواء أن أيــدهــذا الفريــق أو ذاك.

لـن يحسـب للشـعب حسـاب.. لـن يكـون و لـن ينتصـر حتـى يســتعيد أفــراده, وهــذا لــن يتحقــق إلا بثــورة أدواتهــا وهدفهــا العلــم و المعرفــة: أن يتــم بنــاء الفــرد بنــاء منهجيــا علميــا يســتحق معــه أن يكــون صــوت الشــعب وبوقــه و ســوطه.

 

شاهد أيضاً

بحضور المدير التنفيذي للمؤسسة الوطنية للإعلام: اختتام الدورة التي اقامتها هيئة الصحافة في مجالات الادارة الحديثة

اختتمت اليوم الخميس 21 نوفمبر بالهيئة العامة للصحافة الدورة التدريبية التي نظمتها الهيئة العامة للصحافة …