استطلاع وتصوير / التهامي بلعيد
في بلد يعاني أزمات اقتصادية خانقة، تجرف بلا هوادة الأسر المتوسطة نحو القاع، وإزاء مشاكل لا تنتهي على رأسها شح السيولة النقدية ومعضلات التحول الإلكتروني وغول التضخم المتنامي، بات الادخار ضرورة للبقاء على شفا العيش الكريم والتحضير لنوائب الدهر.
الادخار الأسري أصبح موضوعاً يشغل بال كثير من الأسر الليبية، خاصة مع الارتفاع المستمر في الأسعار وتحديات الوضع الاقتصادي.
بعض الأسر ترى أن الادخار ضرورة لا غنى عنها، بينما يعتبره آخرون خيارا صعب التطبيق بسبب محدودية الدخل.
من خلال استطلاعنا، جمعنا آراء عدة مواطنين حول مدى ممارسة الادخار، أسباب صعوبة الالتزام به، وتأثير الظروف الاقتصادية على قدرتهم على التوفير.
*بين هذا وذاك..*

«محمد فتحي» يعتمد مقاربة تقوم على المزج بين الاحتفاظ بالمال في المنزل وإيداعه في المصرف حسب الظروف، ويعتبر الادخار ضرورة لمواجهة الطوارئ وشراء الأمور المهمة.

فيما يتبع «عبد الخالق موسى» طريق الجمعيات لتجميع مبالغ صغيرة تعينه على المصروفات اليومية ونواب الدهر، لكنه لا يملك نظام ادخار واضح بسبب محدودية الدخل.
أما «خيرية»، فهي تلتزم بالادخار قدر الإمكان، لكن الضغوط اليومية والمصاريف الأساسية تحد من قدرتها على التوفير.
*ضرورة أم خيار شخصي؟..*

كثيرون يؤكدون أن الادخار أصبح ضرورة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، لكنهم يقرون في ذات الوقت بصعوبة تطبيقه، حيث يشير كل من «فتحي الطاهر» و«بلعيد الهدمي» إلى أن الارتفاع المستمر للأسعار يجعل الادخار شبه مستحيل، بيد أنه “يبقى حاجة ملحة لمواجهة أي ظرف طارئ”.
*تأثير الوضع الاقتصادي..*
هناك شبه إجماع على أن ارتفاع الأسعار وتراجع القوة الشرائية جعل الادخار صعبًا جدًا، فالمرتبات بالكاد تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية.
ويسلط «صلاح بالحاج» الضوء على معضلة أخرى، هي شح السيولة، التي تجعل من الادخار أو الالتزام في الجمعيات المالية أمرًا صعبًا جدًا.
ومثله تقر «حليمة البوسيفي» و«خديجة علي» بوجود هذه الصعوبات، حيث أكدتا أن ضعف الدخل وغياب الثقافة المالية المنظمة تجعل التوفير شبه مستحيل، خاصة للأسر التي لديها أطفال.
الخروج من عنق الزجاج معظم المشاركين أشاروا إلى أن ثقافة الادخار ضعيفة، وأن الكثيرين ينفقون ما يصلهم من دخل مباشرة دون تخطيط أو ترتيب.
إزاء ذلك يطالب خبراء اقتصاديون بتدشين وتفعيل برامج وطنية تدعم الأسر متوسطة الدخل وتأخذ بيد المشروعات الصغرى والمتوسطة إلى براحات الاستثمار، ما يساهم في الرفع من القدرات المالية للمواطن الليبي، وعدم تركه فريسة الإفلاس.
كذلك ينادي هؤلاء بأن يسارع المركزي لحل أزماته ويعيد الثقة في النظام المصرفي، حتى لا يضطر المواطنون للادخار في منازلهم وتطرد الدورة الاسترجاعية «شح سيولة – ادخار متنامٍ – شح سيولة أكبر».
مكره لا بطل وإلى أن تستحيل هذه التوصيات واقعًا، لا مندوحة أمام المواطن الليبي للتوجه نحو الادخار، الذي صار ضرورة ملحة وليس خياراً شخصياً، بيد أن الظروف الاقتصادية وارتفاع الأسعار يقفان عقبتين كؤودتين أمام تحقيقه.
ويؤكد هذا الحال الحاجة إلى تعزيز الثقافة المالية، وتوفير حلول عملية تساعد الأسر على التوفير، تبدو ضرورية لضمان استقرار الأسرة وتمكينها من مواجهة الظروف الطارئة.

منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية