تطالعنا بإستمرار وعلى مدار الساعة نداءات عاجلة للتبرع بالدم على مجموعات ومنصات التواصل الاجتماعي لإنقاذ حياة مرضى بالمستشفيات العامة والمصحات الخاصة ،
وتوحي النداءات بشح وندرة الدم وصعوبة تأمينه ، وعدم وجود نظام وآلية وإدارة محكمة لخدمات بنوك الدم المركزية ومصارف الدم بالمستشفيات ، والتي تعتبر من الركائز الأساسية لإنقاذ حياة المرضى وضحايا الحوادث والكوارث والحروب ، ودعم العمليات الجراحية والعنايات ، وعلاج الأمراض المزمنة والخطيرة ومنها الثلاسيميا والهيموفيليا والأنيميا المنجلية والأورام وغيرها ، والحاجة الماسة للدم ومشتقاته من كريات حمراء وبلازما وصفائح دموية وعوامل تجلط ،
ولذلك لا معنى ولا قيمة لأي نظام صحي لا يملك بنوك دم مركزية وفرعية بالمستشفيات والمراكز الصحية ، لأنها تعزز الأمن الصحي وتمنع عشوائيه التبرع وما ينتج عنها من خطورة ، بنوك الدم هي التي تؤمن الاحتياجات من الدم الآمن والسليم ومشتقاته بالكميات المطلوبة والمطابقة على مدار الساعة ، وتأمينه بالطرق السليمة والآمنة والعاجلة لكل من يحتاجه في أي مكان داخل البلاد ،
لذلك بالضرورة أن تتوفر بنوك دم مركزية بالمدن الكبرى والمستشفيات والمراكز الصحية المتخصصة ، وبنوك الدم لها مواصفاتها الإنشائية واللوجستية وهياكلها التنظيمية ( إدارات متخصصة وأطباء الأمراض المعدية وأمراض الدم ، واخصائيين في الأحياء الدقيقة وفنيين مختبرات ، وتمريض متخصص في السحب ومراقبة حالة المتبرعين ، واخصائيين في الجودة وسلامة المرضى ومكافحة العدوى ، والعمل بالمعايير التشغيلية المعتمدة ، وبنوك الدم هي التي تستقبل المتبرعين الطوعيين وتجري لهم الفحوصات الطبية اللازمة ،
وبها تتم الفحوصات المخبرية عن الإيدز والالتهابات الكبدية والملاريا والزهري وغيرهم ، وبها يتم فصل مكونات الدم ، والتوافق المناعي وتحديد الفصيلة والأجسام المضادة وضمان التوافق بين المتبرع والمريض ، وبها تتم عمليات التخزين والحفظ في درجات حرارة متفاوتة ومخصصة لكل صنف ، ومنها يتم التوزيع وتلبية الاحتياجات ، ولبنوك الدم سياسات واضحة وصارمة لكل ماسبق بما في ذلك سياسات التتبع والإبلاغ عن الحوادث ونقل العدوى ورصد الأعراض السلبية بعد عمليات نقل الدم ،
وتقع على بنوك الدم المسؤولية القانونية الكاملة عن سلامة الدم ومشتقاته ، وصحة المطابقة ، وعن وقوع الضرر مثل العدوى والتحسس أو التفاعل الخطير ، والتأكد من صحة المتبرع والالتزام بالسرية التامة لبياناته ، وعدم استخدام الدم لأغراض غير مصرح بها ، والمسؤولية التامة في توثيق جميع مراحل العمليات من التبرع إلى الاستخدام النهائي ،
ولتعزيز بنوك الدم وتسريع الاستجابة وتقليل الأخطاء الطبية ضرورة إدراج فصيلة الدم لكل مواطن في جميع الهويات ورخص القيادة والتعريفات ، وتنظيم حملات التبرع بالدم ونشر التوعية المجتمعية بذلك لتعظيم الفائدة ، وضمان وفرة الدم ومشتقاته العامة والنادرة ، وللحالات الخاصة بجميع المدن والقرى ، ولتحتفظ بنوك الدم بمخزون استراتيجي على مستوى الدولة ،
ويتطلب ذلك توحيد الفحوصات والمعايير ، وضمان الفاعلية والكفاءة التشغيلية والأمان البيولوجي ، والالتزام بالضوابط الأخلاقية والمهنية والقانونية ، وعدم الاتجار في الدم لانه ليس سلعة ، ويمنع بيعه أو استغلال المتبرعين تجاريا ، ولتقليل الاعتماد على التبرع الفوري ، وتوفير علاجات منقدة للحياة ، وتعزيز الأمن الصحي على الدولة تأمين صناعة مشتقات الدم محليا ومنها البلازما ومشتقاتها مثل الألبومين والجلوبولين المناعي وعوامل التجلط والفايبروجين المركز واميونوجلوبلين ، وضرورة تدريب الكوادر على السلامة البيولوجية والتعامل مع الطواريء والتحقق المخبري ، واستخدام معدات وأدوات وفحوصات وبروتوكولات موحدة ومعتمده ، وسجلات إلكترونية ، وتدقيق ومراقبة ومراجعه داخلية وخارجية مستمرة .
الدم ومشتقاته من أساسيات وركائز الخدمات الصحية لأي نظام صحي فعال ،
إن إنتشار نداءات الحاجة للدم أو مشتقاته ، وتحمل المرضى وذويهم تدبيره ظاهرة سلبية تعكس فوضى وإنهيار النظام الصحي .
د.علي المبروك أبوقرين