بقلم/علي مرعي
مرة أخرى يفضح الإسرائيليون بعض الأنظمة العربية الذين يتواصلون معهم في الخفاء ، فبعد أن فضح الإعلام الصهيوني الزيارات المكوكية لبعض المسؤولين السعوديين والإماراتيين إلى الكيان الصهيوني وبالعكس ، ها هو رئيس وزراء العدو يصرح أن «الوقت لم يحن بعد لذكر الدول العربية التي زرتها» .
يفهم من كلام نتنياهو أن هناك تواصل مستمر بين بعض العرب والصهاينة وعلى أعلى المستويات تمهيدا للوصول إلى مرحلة التطبيع أولا ومن ثم للضغط على هذه الدول للالتحاق بركب المطبلين لصفقة القرن الأمريكية .
العرب يخفون مثل هذه المعلومات ولا يبوحون بها أمام وسائل الإعلام أو الرأي العام للدلالة على أنهم ما زالوا متمسكين بعدائهم للكيان الصهيوني
وأنهم قلبا وقالبا مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، بطبيعة الحال إن مثل هذا الاعتقاد لا أساس له من الصحة ، أما المناداة بحق الفلسطينيين فهو من باب المجاملة ليس إلا، وأن التطبيع مع الصهاينة يعتبر خيانة عظمى ، فهو للاستهلاك الإعلامي المحلي ، بينما الأمور في الخفاء تسير في مسارات أخرى بعيدة كل البعد عن القضية المركزية للأمة العربية.
كم من مرة ادعى مسؤولون خليجيون أن سبب مشاكلنا في المنطقة هم الفلسطينيون ، وكم مرة ضغطت بعض الدول الخليجية على القيادات الفلسطينية للقبول بالأمر الواقع المفروض ، وكم من مرة أوقفت هذه الدول الخليجية مساعداتها عن الشعب الفلسطيني بهدف الضغط عليه ليضغط على قياداته للقبول بالحلول المطروحة .
إن اللعبة الخبيثة التي تنتهجها بعض الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية والإمارات ومن ورائهما البحرين يدل دلالة صريحة على أن هذه الدول قد تبنت الترويج للخطة الأمريكية على وقع الضغوطات المادية والاقتصادية التي تمارس على البلدان العربية الفقيرة من أجل إعلان موقفها المؤيد لصفقة القرن .
الكيان الصهيوني بدأ منذ فترة بتكثيف اتصالاته مع بعض العرب سرا وعلانية لتبني الموقف الأمريكي حيال قضية الصراع بين الفلسطينيين والصهاينة وإقناعهم بطرح الرئيس الأمريكي الذي اختزل الحق الفلسطيني بدويلة على بضع كيلو مترات متقطعة الأوصال معدومة السيادة .
يبدو أن نتنياهو سيفلح في إقناع هؤلاء العرب، والدليل تلك الزيارات المتبادلة التي تحدث بين الحين والآخر بين الصهاينة وبعض العرب سواء في الأراضي المحتلة أو في عواصم هذه الدول ، أو الالتقاء في أماكن أخرى بعيدة كما حدث في لقاء نتنياهو -البرهان .
مسألة اللقاءات الصهيونية-العربية لم تعد سرا ، فإن تعمد العرب إخفاؤها فإن الإعلام الصهيوني جاهز للبوح بها، وكأنها سياسة ممنهجة من قبل الكيان الصهيوني لتوريط هذه الأنظمة ووضعها أمام خيارين ، إما الانصياع والقبول بالشروط الصهيونية أو افتضاح أمرهم أمام شعوبهم .
العرب للأسف لم يتعلموا بعد من المكر والدهاء الصهيوني ، فكم من مسؤول عربي تم توريطه من قبل الموساد الصهيوني ، وكم من مسؤول عربي تم تجنيده من قبل الاستخبارات الصهيونية ، وكم من دولة عربية افتضح أمرها من قبل الصهاينة أثناء حرب 2006 في لبنان ، ومع ذلك ما زال بعض العرب يراوغون ، ففي العلن هم مع الثوابت القومية لهذه الأمة وفي السر يتصلون ويلتقون وينسقون ويطبعون مع الكيان الصهيوني .