بقلم /سليم يونس
إنها محاولة للإضاءة على الأحداث من زوايا أخرى، بقراءة تستهدف استنطاق الأقوال والتصرفات بما لا يفصح عنه ظاهرها، من خلال مشاكسة الظاهر من اللغة، بتفكيك محتواها عبر طرح الأسئلة المخالفة التي ربما لا ترضى الكثيرين، كونها تفتح نافذة للتفكير ربما المفارق… ولكنه الضروري، من أجل أن نعيد لفضيلة السؤال والتفكير قيمته…أليست مشاكسة»؟
صلاة استخارة…!
«قال رئيس مجلس السيادة في السودان، عبد الفتاح البرهان، عن اللقاء الذي جمعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «لقد استخرت الله قبل السفر بفترة، أدعو الله في كل صلاة، وقال كل همنا مصلحة السودان، نحن شايفين غيرنا، وحتى أصحاب القضية مستفيدين».
مشاكسة…هل يا سيد برهان يجوز شرعا وأخلاقيا الإقدام على الاستخارة في الصلاة من أجل السعي للاجتماع مع الشيطان نتنياهو لطلب العون منه؟ وما الذي تأمل أن تحصل عليه من نتنياهو المتهم بالفساد والمطلوب للقضاء؟ ثم من هو نتنياهو الذي تطلب الاستخارة في صلاتك لمقابلته؟ أليس هو الذي يعيث ويدنس جنوده وقطعان مستوطنيه المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين؟ أليس هو الذي يحاصر قطاع غزة ويمنع سبل الحياة عن مليوني فلسطيني فيه؟ أليس هو الذي فرض قوانين عنصرية فيما يسمى الدولة اليهودية؟ ألم يقم نتنياهو بتعزيز الاستيطان ومصادرة 30 من مساحة الضفة الغربية؟ أليس نتنياهو هذا هو من قطَّع أوصال المناطق المحتلة؟ ثم أليس هو من يمنع الفلسطينيين من الصلاة في المسجد الأقصى؟ ثم لماذا استجداء الكيان الصهيوني التابع بدل الذهاب مباشرة للأصيل الولايات المتحدة؟ ثم أليس من سوء الفهم وربما السذاجة السياسية تبرير السقوط في الفخ التطبيع المجاني بالقول نحن «شايفين غيرنا»؟، وهل حقا غيرك على صواب حتى يكونوا قدوة؟ وهل إذا سقط هذا الغير في المستنقع يجب أن تحذو حذوهم؟ ثم أليس من سوء النية والتفكير القول «وحتى أصحاب القضية مستفيدين»؟ وكيف هي هذه الاستفادة يا سيد برهان؟ هل بالحصار والتنكيل والتمييز وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية؟ هل بالمعتقلات الملأى بالأسرى أطفالا ونساء وشبابا وشيوخا ومصادرة الأرض ونظام الأبارتيد العنصري؟ أليس مخجلا لمسؤول عربي أن يدعي أن أصحاب القضية مستفيدين؟ وهل في الاحتلال الإحلالي وتشريد ملايين اللاجئين في مخيمات الشتات وداخل فلسطين المحتلة فائدة يا سيد برهان؟ أليس من المعيب بالمعنى الإنساني والديني القول إن من يعيشون تحت الاحتلال أو في المنافي أنهم مستفيدون؟
الواقعية المعكوسة
«صرحت المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت، بأن خطة الرئيس دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط واقعية، وأملت أن يرى الفلسطينيون فرصة في هذه الخطة».
مشاكسة…أين هي الواقعية يا سيدة كيلي كرافت في صفقة ترامب؟ هل الواقعية وحسب قوى يهودية هي في الاستسلام دون قيد أو شرط الذي تفرضه الصفقة على الفلسطينيين؟ هل هي في التنكر لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة التي عالجت القضية الفلسطينية؟ ثم هل الواقعية في قبول ضم 30 من الضفة الغربية واعتبار القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني؟ هل الواقعية في الاستيلاء على منقطة غور الأردن؟ هل الواقعية في قبول وضع الفلسطينيين في جيتوات معزولة بدون حدود يحاصرها الصهاينة من كل جانب؟ هل هي في حرمانهم من السيطرة على أجواءهم ومياههم وحق الدفاع عن أنقسهم؟ هل الواقعية والفرصة في شطب حق العودة؟ هل الفرصة والواقعية في السيطرة على الأقصى وانتهاك حرماته؟ ثم هل الفرصة هي أن يتنازل الفلسطينيون عن حقوقهم لعدو إحلالي استيطاني جرى جلبه من أربعة أرجاء الدنيا بمؤامرة استعمارية غربية وهو الذي ليس له علاقة بهذه الأرض؟ ثم أين الواقعية في حديث المسؤولة الأمريكية؟!!