خلود الفلاح
الانقسام السياسي
يشير الباحث في الشأن الليبي محمد درميش، أن الانقسام السياسي يعتبر أحد المتغيرات التي زادت من الأزمة الاقتصادية ويعني ذلك، بحسب درميش، أن السبب في ذلك هو عدم وجود إرادة سياسية فاعلة تستطيع مجابهة وامتصاص الصدمات التي لها دور كبير في تخفيف الأزمات التي تعصف بالدول.
واستطرد، لا يخفي على أحد الأزمات الكثيرة مرت على ليبيا بعد عام 2011، والتي لاتزال مستمرة إلى الآن نتيجة عدم الاستقرار السياسي.
من جهته، تحدث الكاتب أحمد التهامي، عن التأثير الكبير للانقسام السياسي الذي تشهده البلاد في أوضاع الاقتصاد خاصة وقد صاحب ذلك اهتزاز النظام المصرفي وفقدان الثقة فيه، وخروج المصرف المركزي من قبضة مجلس النواب جعله مستقلا بعيدا عن السلطة السياسية، ويضيف: هذا أربك كل تفكير محدد بخصوص السياسة والاقتصاد، وحول كل منطقة من مناطق البلاد الى دويلة مستقلة وخلق اشكالية كبرى تستلزم توحيد المؤسسات. كما أن غموض مستقبل البلاد في حد ذاته كفيل بخلق جملة من الازمات الاقتصادية.
رفع الأسعار والتضخم
ولفت خالد خميس السحاتي، عـضو هـيئة التـدريس بكلية الاقتصاد، جامعـة بنغازي أن الأزمة الليبية تُعـد من الأزمات المُعقدة وذات الطبيعة الممتدة؛ نتيجة المراحل التي مرَّت بها عقب سقوط نظام العقيد القذافي في 2011، وإخفاق الحلول السياسية التي تلت ذلك، ودخول البلاد في انقسام سياسي أثر بشكل سلبي على الدولة والمواطن.
وتابع، إذا تناولنا الجانب الاقتصادي -على وجه التحديد- فسوف نلاحظ أن الاقتصاد الليبي قد تأثر بشكل واضح من جراء ذلك الانقسام السياسي، وترهل السلطة المركزية، وعدم استقرار ورشد السياسات المالية والنقدية في الدولة.
ونوه محمد درميش، أن عدم وجود استقرار سياسي في ليبيا خاصة في الفترة الممتدة من عام 2015 إلى وقتنا الحالي صنعت حالة من عدم الانسجام والتناغم، ما بين السياسات التجارية، والمالية، والنقدية كسياسة اقتصادية واحدة متناغمة تسير في خطوط متوازية مع كافة السياسات الأخرى.
وشدد خالد خميس السحاتي، أن أبرز النتائج الاقتصادية نتيجة حالة الفوضى التي تعيشها البلاد، هو انخفاض حاد في النمو وتفاقم الاختلالات في الاقتصاد الكلي ما تسبب في “التضخم”، ومنْ ثمَ ارتفاع الأسعـار؛ نظراً لاعتماد السوق الليبي على الواردات، وكذلك ارتفاع الدين العام المحلي، واتساع دائرة النشاط الاقتصادي غير الرسمي، وتفشي الفساد بكافة أشكاله.
بالإضافة إلى ارتفاع سعر العملة الصعبة في السوق الموازية ما أثقل كاهل المواطن الليبي، وساهم في رفع الأسعار والتضخم، وتزايد المعاناة من الانقسام السياسي ونتائجه السلبية.
واختتم بالقول، أن أهم إشكاليات ومخاطر الانقسام السياسي وازدواجية السلطة، الصـراع على المـوارد حيث أنه في دولة نفطية مثل ليبيا، وفي ظل ملامح الصراع السياسي الحالي، تنعكس تلك المعطيات على الواقع المعاش، في صورة أزمات مستمرة في متطلبات الحياة اليومية للمواطن، كالنقص في المحروقات مثل البنزين والديزل، وغـاز الطهي، وكذلك شح السيولة النقدية، والانقطاع المتكرر للكهرباء، وغيرهــا من الأزمات التي تمس المواطن، مما يعني أن الانقسام السياسي يتسبب في أزمات اقتصادية حادة لا يمكن القضاء عليها أو حلها إلا بإنهاء الانقسام السياسي، وتوحيد السلطة التنفيذية، وبناء دولة القانون والمؤسسات.